الجمل والفرس والحمار وغيرها من الحيوانات، فهل يكوِّن ذلك قاعدة كلّيّة لحكم فيقال: (كلّ حيوان يحرّك فكه الأسفل حين المضغ)؟ فنقول: إنّ هذه القاعدة منقوضة بالتّمساح؛ لأنّه يحرّك فكّه الأعلى حين المضغ. وقد يوجد غير التّمساح كذلك.
ومنها: إذا قلنا: نار الحطب حارّة، ونار الحجر حارّة، فإنّ مشاهدة الحكم في جزئيّات كثيرة توجب إثبات الحكم الكلّي للنّار، فيقال: كلّ نار حارّة. وتكون قاعدة كلّيّة صحيحة؛ لأنّ الموضوع هنا خاصّة متماثلة. ولا يحتجّ بنار إبراهيم عليه السّلام؛ لأنّ انقلابها باردة كان معجزة ربّانيّة.
ومنها: إذا قلنا: زيد يضحك أو ضاحك، وعمرو يضحك، وليلى تضحك. فيمكن أن يقال: (كل إنسان ضاحك) بالقوّة أو بالفعل. وهي قاعدة كلّيّة صحيحة.
ومنها: إذا قيل: فلان قتل فلاناً فقُتل، وفلان قتل فلاناً فقُتل، وفلان قتل فلاناً فقُتل، فهل يصحّ أن يُقال: كل من قَتَل يقتل، أو "كلّ قاتل يقتصّ منه" نقول: لا يجوز أن يقال ذلك؛ لأنّ القاتل قد يكون قتل متعدّياً لمكافئ غير والد. فهذا يجب عليه القصاص إذا كان عاقلاً بالغاً.
ولكن مَن قتل خطأ، أو بحقّ لا يقتصّ منه. أو مَن قتل وهو صغير، أو إذا كان مجنوناً أو والداً أو حرّاً قتل عبداً أو مسلماً قتل ذمّيّاً أو حربياً لا يقتصّ من هؤلاء كذلك.