ولكني أرى أن يكون التقدير: إنما جزاء الأعمال مترتب على نيات فاعليها وقصودهم من وراء فعلها. والجزاء لفظ عام يشمل الثواب والعقاب والصحة والفساد والبطلان، وبدليل التفصيل بعد الإجمال في آخر الحديث، حيث بين عليه الصلاة والسلام أثر النية في عمل العبد وهو الهجرة، وما ترتب عليها من ثواب، أو ضياع تبْعاً لنيَّة المهاجر.

والمراد بالأعمال: أعمال الجوارح كلها، ومنها القلب واللسان، ففعل القلب الاعتقاد، وفعل اللسان القول، وإن كان هناك من لم يعتبر عمل اللسان وعمل القلب، ولكن الصحيح اعتبارهما.

واستثنوا من الأعمال ما كان من قبيل الترك كترك الزنا والنظر المحرم وعموم المنهيات، وإزالة النجاسة، ورد الغُصوب والعواري وإيصال الهدية وغير ذلك، قالوا: لأنه لا تتوقف صحتها على النية المصححة ولكن يتوقف الثواب فيها على نية التقرب (?).

وقوله عليه الصلاة والسلام [وإنما لكل امريءٍ ما نوى]، أي أن من نوى شيئاً لم يحصل له غيره، وفيه دليل على أن الله سبحانه لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً وابتغى به وجهه، بدليل الحديث الذي رواه النسائي (?) عن أبي أُمامة (?) حيث قال: [جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015