الأب والقصاص منه للولد والعكس

مذهب الشافعية (?) :

لا يجب القصاص على الأب بقتل ولده، ولا على الأم بقتل ولدها، لما روى عمر ين الخطاب - رضى الله عنه- أن النبى - صلى الله عليه وسلم- قال: " لا يقاد الأب من ابنه " فإذا ثبت هذا فى الأب ثبت فى الأم لأنها كالأب فى الولادة. ولا يجب على الجد وإن علا، ولا على الجدة وإن علت بقتل ولد الولد وإن سفل، لمشاركتهم الأب والأم فى الولادة وأحكامها.

وإن ادعى رجلان نسب لقيط ثم قتلاه قبل أن يلحق نسبه بأحدهما لم يجب القصاص، لأن كل واحد منهما يجوز ان يكون هو الأب. وإن رجعا فى الدعوى لم يقبل رجوعهما، لأن النسب حق وجب عليهما فلا يقبل رجوعهما فيه بعد الإقرار. ويقتل الابن بالأب، لأنه إذا قتل بمن يساويه فلأن يقتل بمن هو أفضل منه أولى.

وإن جنى المكاتب على أبيه والأب فى ملكه ففيه قولان:

أحدهما: لا يقتص منه، لأن المولى لا يقتص منه لعبده.

والثانى: يقتص منه، وإليه أومأ الشافعى- رحمه الله - فى بعض كتبه، لأن المكاتب ثبت له حق الحرية بالكتابة، وأبوه ثبت له حق الحرية بالابن، ولهذا لا يملك بيعه فصار كالابن الحر إذا جنى على أبيه الحر.

مذهب الظاهرية (?) :

ويبطل القود إذا قتل الأب ابنه.

مذهب المالكية (?) :

إذا قتل أحد ولدين أباه ثم مات غير القاتل ولا وارث له سوى القاتل فقد ورث القاتل دم نفسه كله فصار معصوما.

ولو أكره شخص أبا على قتل ابنه فقتله فلا قصاص على الأب للشبهة (?) .

مذهب الإمامية (?) :

ولا يقتل الوالد وإن علا بابنه وإن نزل، لقوله صلى الله عليه وسلم " لا يقاد لابن من أبيه " والبنت كالابن إجماعا أو بطريق أولى. وفى بعض الأخبار عن الصادق: لا يقتل والد بولده ويقتل الولد بوالده، وهو شامل للأنثى. ويعزر الوالد بقتل الولد ويكفر وتجب الدية لغيره من الورثة.

مذهب الإباضية (?) :

ولا يقتل الأب بابنه ولا الأم ويقتل الولد بهما.

مذهب الأحناف (?) :

لا يقتل الرجل بابنه، لقوله - عليه الصلاة والسلام-: " لا يقاد الوالد بولده " ولأنه سبب أحيائه، فمن المحال أن يستحق له افناؤه، ولهذا لا يجوز له قتله وإن وجده فى صف الأعداء مقاتلا أو زانيا وهو محصن، فالقصاص يستحقه المقتول ثم يخلفه وارثه. والجد من قبل الرجال أو النساء وإن علا بمنزلة الأب، وكذا الوالدة والجدة من قبل الأب أو الأم قربت أم بعدت لما بينا. ويقتل الولد بالوالد لعدم المسقط.

مذهب الحنابلة (?) :

فى شروط القصاص: الشرط الرابع: ألا يكون المقتول من ذرية القاتل، فلا يقتل والده أبا كان أو أما وإن علا بولده. وقال -عليه الصلاة والسلام- " أنت ومالك لأبيك " فمقتضى هذه الإضافة تمكينه إياه، فإذا لم تثبت حقيقة الملكية تثبت بالإضافة بشبهة فى إسقاط القصاص ولأنه كان سببا فى إيجاده فلا يكون سببا فى إعدامه، ولا تأثير لاختلاف الدين واختلاف الحرية، فلو كان أحدهما مسلما والأخر كافرا أو أحدهما رقيقا والآخر حرا فلا قصاص كاتفاقهما فى الدين والحرية. فلو قتل الكافر ولده المسلم أو العبد ولده الحر لم يجب القصاص لشرف الحرية إلا أن يكون ولده من رضاع أو زنا فيقتل الوالد به، لأنه ليس بولده حقيقة.

ولو تداعى شخصان نسب صغير مجهول النسب ثم قتلاه قبل إلحاقه بواحد منهما فلا قصاص عليهما لأنه يجوز. أن يكون ابن كل واحد منهما أو ابنهما وإن ألحقته القافة بواحد منهما، ثم قتلاه لم يقتل أبوه وقتل الآخر لأنه ليس بأب وإن رجعا عن الدعوى لم يقبل رجوعهما عن إقرارهما كما لو ادعاه واحد فالحق به ثم جحده فإنه لا يقبل جحوده لأن النسب حق للولد فرجوعه عنه رجوع إقرار بحق لأدمى وإن رجع أحدهما صح رجوعه وثبت نسبه من الآخر ويسقط القصاص عن الذى لم يرجع ويجب على الراجع لأنه أجنبى وإن عفا عنه ولى المقتول فعليه نصف الدية، ولو اشترك رجلان فى وطء امرأة فى طهر واحد وأتت بولد يمكن أن يكون منهما فقتلاه قبل إلحاقه بأحدهما لم يجب القصاص على واحد منهما وإن نفيا نسبه لم ينتف إلا باللعان بشروطه التى منها أن يكون بين زوجين وأن يتقدمه قذف وأن نفاه أحدهما لم ينتف لقوله لأنه لحقه بالفراش فلا ينتفى إلا باللعان ويقتل الولد بالوالد لأنه يحد بقذفه فيقتل به.

مذهب الزيدية (?) :

لا يجب القصاص يفرع من النسب فلا يقتص من أصل له، فلا يقتل أب ولا جد وإن علا ولا أم ولا جدة وإن علت لفرع لهم وإن سفل.

القصاص فيما دون النفس

من لا يقاد بغيره فى النفس لا يقاد به فيما دون النفس، ومن اقتيد بغيره فى النفس اقتيد به فيما دون النفس، لأنه لما كان ما دون النفس كالنفس فى وجوب القصاص كان كالنفس (?) .

الأب واستيفاء القصاص أو العفو

مذهب الأحناف (?) :

إذا قتل ولى المعتوه فلأبيه أن يقتل لأنه من الولاية على النفس شرع لأمر راجع إليها وهو تشفى الصدور فيليه كالانكاح، وله أن يصالح لأنه أنظر فى حق المعتوه، وليس له أن يعفو لأن فيه إبطال حقه وكذلك إن قطعت يد المعتوه عمدا لما ذكرنا.

مذهب الحنابلة (?) :

لولى المجروح بعد السراية العفو عن القصاص، وله حينئذ كمال الدية. وإن عفا الولى مطلقا أو عفا عن القود مطلقا فله الدية، لأن الواجب أحد الشيئين فإذا سقط القود تعنيت الدية.

ثم قال (?) " ومن لا يجرى القصاص بينهما فى النفس لا يجرى فى الطرف، كالأب وأبنه والحر مع العبد والمسلم مع الكافر، فلا تقطع يد الأب بيد ابنه ولا يد الحر بيد العبد ولا يد المسلم بيد الكافر.

مذهب المالكية (?) :

الاستيفاء فى النفس للعاصب الذكر على ترتيب الولاية فى النكاح إلا الجد والإخوة فسيان. ولو كان (?) للصغير ولى من أب أو وصى واستحق الصغير قصاصا بلا مشارك له فعلى وليه النظر بالمصلحة فى القتل وأخذ الدية كاملة. ويخير إن استوت، ولا يجوز له أخذ بعض الدية مع يسر الجانى، والحكم كذلك لو قطع أحد يد الصغير مثلا فله الصلح بأقل، أما لو قتل الصغير فلا كلام لوليه لانقطاع نظره بالموت والكلام للعاصب.

ولولى الصغير النظر فى القتل أو الدية كاملة، قال فى المدونة: من وجب لابنه الصغير دم عمدا أو خطأ، لم يجز له العفو إلا على الدية لا أقل منها.

وإن قتل شخص عبد الصبى أو جرحه فالأولى للولى أخذ القيمة أو الأرش دون القصاص، إذ لا نفع للصبى فيه. ويقتل أب أمر صبيا بقتل إنسان فقتله، ولا يقتل الصغير لعدم تكليفه.

مذهب الظاهرية (?) :

عفو الأب عن جرح ابنه الصغير أو المجنون أو استقادته له غير جائز بل هما على حقهما فى القود حتى يبلغ الصغير ويفيق المجنون.

مذهب الزيدية (?) :

ليس للأب أن يتولى القصاص عن الصبى وكذا سائر الأولياء، بل ينتظر بلوغه وللأب أن يعفو عن القاتل لمصلحة. ولو قتل رجل أباه وله أخ وأم فإن عليه القتل للأخ والأم، فإذا قتل الأخ الأم أو ماتت سقط عن قاتل الأب القود، لأنه قد ورث نصيب الأم أو بعضه، ويقتل قاتل الأم.

مذهب الإمامية (?) :

ولو كان الولى صغيرا وله أب. أو جد لم يكن له أى وليه من الأب لاستيفاء إلى بلوغه، لأن الحق له ولا يعلم ما يريده حينئذ، ولأن الغرض التشفى ولا يتحقق تعجيله قبله وحينئذ فيحبس القاتل حتى يبلغ.

وقال أكثر المتأخرين: يراعى المصلحة، فإن اقتضت تعجيله جاز، لأن مصالح الطفل منوطة بنظر الولى، ولأن التأخير ربما استلزم تفويت القصاص وهو أجود.

مذهب الإباضية (?) :

ويقتص طفل بواسطة أبيه لا غيره، أى يقتص له أبوه من بالغ إن كان له أب وإلا اقتص أبو أبيه.

الأب والأذن لولده فى الجهاد والحج وغيره

مذهب الشافعية (?) :

إن كان أحد أبويه مسلما لم يجز له أن يجاهد بغير إذنه، لما روى عبد الله بن عمرو بن العاص - رضى الله عنهما - قال: جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يستأذنه فى الجهاد فقال: "أحى والداك؟ " قال: نعم. قال: ففيهما فجاهد. وروى عبد الله بن مسعود - رضى الله عنه- قال: سألت النبى - صلى الله عليه وسلم-: أى الأعمال أفضل؟ فقال- عليه الصلاة والسلام-: " الصلاة لميقاتها " قلت: ثم ماذا؟ قال: " بر الوالدين ". قلت: ثم ماذا؟ قال:" الجهاد فى سبيل الله". فدل على أن بر الوالدين مقدم على الجهاد، ولأن الجهاد فرض على الكفاية ينوب عنه فيه غيره، وبر الوالدين فرض يتعين عليه لأنه لا ينوب عنه فيه غيره، ولهذا قال رجل لابن عباس -رضى الله عنهما-: إنى نذرت أن أغزو الروم وان أبوى منعانى، فقال: " أطع أبويك فإن الروم ستجد من يغزوها غيرك ". وإن كان الأبوان كافرين جاز أن يجاهد من غير إذنهما، لأنهما متهمان فى الدين. وإن كانا مملوكين فقد قال بعض أصحابنا: إنه يجاهد من غير إذنهما، لأنه لا أذن لهما فى أنفسهما فلم يعتبر أذنهما لغيرهما، وقيل: إنه لا يجوز أن يجاهد إلا بإذنهما لأن المملوك كالحر فى البر والشفقة فكان كالحر فى اعتبار الأذن.

وإن أراد الولد أن يسافر فى تجارة أو طلب علم جاز من غير إذن الأبوين لأن الغالب فى سفره السلامة.

وإن (?) أذن الوالد لولده ثم رجع أو كان كافرا فأسلم فإن كان ذلك قبل التقاء الزحفين لم يجز الخروج أى للجهاد إلا بالأذن، وإن كان بعد التقاء الزحفين ففيه قولان:

أحدهما: أنه لا يجوز أن يجاهد إلا بالأذن لأنه عذر يمنع وجوب الجهاد، فإذا طرأ منع من الوجوب كالعمى والمرض.

والثانى: أنه يجاهد من غير أذن لأنه اجتمع حقان متعينان، وتعين الجهاد سابق فقدم. وإن أحاط العدو بهم تعين فرض الجهاد وجاز من غير إذن الأبوين،لأن ترك الجهاد فى هذه الحالة يؤدى إلى الهلاك فقدم على حق الأبوين.

مذهب الحنابلة (?) :

لا يجاهد متطوعا من أبواه حران مسلمان عاقلان إلا بإذنهما وإن كان أحدهما حرا مسلما عاقلا لم يجاهد تطوعا إلا بإذنه، لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص قال: جاء رجل إلى النبى- صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله أجاهد. فقال: " لك أبوان؟ " قال: نعم. قال: " ففيهما فجاهد ". وروى البخارى معناه من حديث ابن عمرو. روى أبو داود عن أبى سعيد أن رجلا هاجر إلى النبى صلى الله عليه وسلم من اليمن فقال: " هل لك أحد باليمن؟ ". فقال: أبواى. فقال: " أذنا لك؟ " قال: لا. قال: " فارجع فاستأذنهما، فإن أذنا لك فجاهد، وإلا فبرهما.

ولأن برهما فرض عين والجهاد فرض كفاية والأول مقدم إلا أن يتعين عليه الجهاد لحضور الصف أو حصر العدو أو استنفار الإمام له أو نحوه، فيسقط إذنهما، لأنه يصير فرض عين وتركه معصية، ولا طاعة للوالدين فى ترك فريضة، كتعلم علم واجب قوم به دينه من طهارة وصلاة وصيام ونحو ذلك، وإن لم يحصل فله السفر لطلبه بلا أذنهما، لأنه لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق. ولا إذن لجد ولا لجدة، فإن خرج فى جهاد تطوع بإذن والديه ثم منعاه منه بعد سيره وقبل تعينه عليه فعليه الرجوع، إلا أن يخاف على نفسه فى الرجوع، أو يحدث له عذر من مرض ونحوه، فإن أمكنه الإقامة فى الطريق أقام حتى يقدر على الرجوع فيرجع وإلا مضى مع الجيش، وإذا حضر الصف تعين عليه لحضوره، وسقط إذنهما. وإن كانا كافرين فأسلما ثم منعاه كان كمنعهما بعد إذنهما على ما تقدم تفصيله.

مذهب الظاهرية (?) :

لا يجوز الجهاد إلا بإذن الأبوين، إلا أن ينزل العدو بقوم من المسلمين ففرض على كل من يمكنه إغاثتهم أن يقصدهم مغيثا لهم، أذن الأبوان أم لم يأذنا، إلا أن يضيعا أو أحدهما بعده، فلا يصل له ترك من يضيع منهما. وروى البخارى: حدثنا آدم وحدثنا شعبة وحدثنا حبيب بن أبى ثابت قال: سمعت أبا العباس الشاعر وكان لا يتهم فى الحديث قال: سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يقول: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأذنه فى الجهاد، فقال له عليه الصلاة والسلام: "أحى والداك؟ " قال: نعم. قال: "ففيهما فجاهد ". ثم ذكر عن ابن عمر - رضى الله عنهما- عن النبى - صلى الله عليه وسلم- قال: " السمع والطاعة حق ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة ".

مذهب الزيدية (?) :

حيث يكون الواجب آكد كالجهاد والنفقة الواجبة أو نحوهما أو أفضل نحو أن يكون فى غير وطنه أقرب إلى الطاعات وأبعد عن الشبهات، فإنه يجب عليه الخروج للواجب، وينب للمندوب. فإن كره الوالدان أو أحدهما خروجه فلا يصده كراهتهما عن الخروج ما لم يتضررا أو أحدهما بخروجه، سواء كان التضرر من جهة الإنفاق أو البدن لحدوث علة أو زيادتها أو بطء برئها فلا يجوز خروجه، إذ طاعتهما آكد، وتضررهما محظور ولو كافرين غير حربيين. وترك الواجب- وهو الخروج- أهون من فعل المحظور، وهو تضررهما. قال تعالى: " ووصينا الإنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك بى ما ليس لك به علم فلا تطعهما إلى مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون " (?) ولا يمتنع الخروج لتضرر الوالدين الحربيين كما لا يجب الإنفاق عليهما.

مذهب الأحناف (?) :

إذا تعين الجهاد بهجوم العدو فلا يحتاج الابن لإذن أبويه فى الخروج للجهاد فان لم يتعين فلابد من إذنهما.

مذهب المالكية (?) :

للوالدين منع الولد من الجهاد إذا كان فرض كفاية، أما إذا كان الجهاد فرض عين فلا يحتاج لإذنهما ولو لم يكونا فى كفاية، وهو مذهب المدونة.

مذهب الأمامية (?) :

وللأبوين منع الولد من الجهاد إذا كان المقصود جهاد المشركين ابتداء لدعائهم للإسلام، إلا أن يتعين عليه الجهاد بأمر الإمام له أو بضعف المسلمين عن المقاومة بدونه، إذ يجب عليه حينئذ الجهاد عينا، فلا يتوقف على أذن الأبوين. أما جهاد من يدهم على المسلمين من الكفار بحيث يخافون استيلاءهم على بلادهم وأخذ مالهم وما أشبهه وإن قل فإنه لا يحتاج إلى أذن الأبوين.

مذهب الإباضية (?) :

أن تعين الجهاد على الابن واحتيج إليه ككونه إماما عادلا احتيج لحضوره، أو كان قائما بأمر من أمور الحرب لا يقوم به غيره - فإنه يخرج بدون إذن الأبوين. فإن كان له أبوان فقيران أو كبيران أو مريضان ولم يكن لهما غنى عن الابن- فالإقامة معهما أفضل من الجهاد وذلك حيث لم يتعين الجهاد. فإن كان لهما غنى عنه فإنه يخرج إلى الجهاد استحسانا ولو كرها لأنهما لا يمنعانه مما لم يمنعه الله منه.

هل للأب منع ولده من الحج وغيره؟

مذهب الحنابلة (?) :

وليس للوالدين منع ولدهما من حج الفرض والنذر ولا تحليله منه، ولا يجوز للولد طاعتهما فيه، أى: فى ترك الحج، أو فى التحليل. وكذا كل ما وجب كصلاة الجماعة والجمع والسفر للعلم الواجب لأنها فرض عين، فلم يعتبروا فيه إذن الوالدين. ولهما منعه من حج التطوع ومن كل سفر مستحب كالجهاد، وكما أن لهما منعه من الجهاد مع أنه فرض كفاية لأن بر الوالدين فرض عين، ولكن ليس لهما تحليله من حج التطوع إذا شرع فيه، ويلزم طاعتهما فى غير معصية.

قتل الابن أباه الكافر فى الحرب

مذهب الشافعية (?) :

ويكره أن يقصد قتل ذى رحم محرم، لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منع أبا بكر من قتل ابنه. فإن قاتله لم يكره أن يقصد قتله، كما لا يكره إذا قصد قتله وهو مسلم. وإن سمعه يذكر اسم الله عز وجل أو رسوله - صلى الله عليه وسلم- بسوء لم يكره أن يقتله، لأن أبا عبيدة بن الجراح - رضى الله عنه- قتل أباه وقال لرسول الله- صلى الله عليه وسلم-: سمعته يسبك، ولم ينكر عليه.

مذهب الأحناف (?) :

يكره أن يبتدئ الرجل أباه من المشركين فيقتله، لقوله تعالى: " وصاحبهما فى الدنيا معروفا " ولأنه يجب عليه إحياؤه بالإنفاق فيناقضه الإطلاق فى إفنائه، فان أدركه امتنع عليه حتى يقتله غيره، لأن المقصود يحصل بغيره من غير اقتحام المأثم. وان قصد الأب قتله بحيث لا يمكنه دفعه إلا بقتله فلا بأس به، لأن مقصوده الدفع، ألا ترى أنه لو شهر الأب المسلم سيفه على ابنه ولا يمكنه دفعه ألا بقتله يقتله لما بينا فهذا أولى.

مذهب الحنابلة (?) :

يقتل المسلم أباه وابنه ونحوهما من ذوى قرابته فى المعترك لأن أبا عبيده قتل أباه فى الجهاد فأنزل الله " لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الأخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب فى قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها رضى الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون (?) .

وإن سبى (?) غير البالغ مع أبويه فهو على دينهما لبقاء التبعية، وإن أسلم أبو حمل أو طفل أو مميز فالابن مسلم. لا إن أسلم جد وجدة فلا يحكم بإسلامه بذلك، أو أسلم أحدهما فمسلم أو مات أحدهما فى دارنا أو عدما أو عدم أحدهما بلا موت فمسلم فى الجميع للخبر السابق وانقطاع التبعية. وإذا بلغ من حكم بإسلامه تبعا لأبويه أو موته بدارنا عاقلا ممسكا عن الإسلام والكفر قتل قاتله لأنه مسلم معصوم الدم.

ومن أسلم (?) منهم قبل القدرة عليه أحرز ماله ودمه أو أسلم حربى فى دار الحرب أحرز دمه وماله ولو منفعة أجارة لقوله - عليه الصلاة والسلام- " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا منى دماءهم وأموالهم " وأولاده الصغار والمجانين ولو حملا، فى السبى كانوا أو فى دار الحرب، للحكم بإسلامهم تبعا له، وإن دخل كافر دار الإسلام فأسلم وله أولاد صغار فى دار الحرب أو حمل صاروا مسلمين تبعا له ولم يجز سبيهم لعصمتهم بالإسلام.

مذهب الزيدية (?) :

لا يجوز أن يقتل مسلم ذو رحم رحمه من الكفار سواء كان يحرم عليه نكاحه لو كان أنثى أم لا، وذلك كالأب وان علا والابن وإن سفل والإخوة والأعمام وبنيهم ونحو ذلك، لأن فى ذلك قطيعة رحم، إلا فى أحد وجهين فإنه يجوز قتله:

الأول: أن يقتله مدافعة عن نفسه أو عن غيره أو ماله أو مال غيره حيث لم يندفع إلا بالقتل. أو يقتل رحمه بنفسه فإنه يجوز لئلا يحقد على من قتله من المسلمين لو قتله غيره فيؤدى إلى التباغض والشحناء بينه وبين غيره من سائر المسلمين. وهذا هو الوجه الثانى من وجهى جواز قتل الرحم.

مذهب الإباضية (?) :

ولا يمنع الأبوان ولدهما عن طاعة ربه، ولا طاعة لهما فى ترك طاعته، ويأمرهما بالمعروف وينهاهما عن المنكر. وإذا وجب عليهما حد أو أدب أو حبس فالأولى أن يلى ذلك غيره، وكذا فى القتال إن تعرض له أبوه فالأولى إلا بقتله، وإن فعل ذلك فلا بأس عليه.

مذهب المالكية (?) :

وكره للرجل قتل أبيه أى دنية حالة كون ذلك الأب من البغاة، سواء كان مسلما أو لا، بارز ولده بالقتال أم لا. ولا يكره قتل أخيه أو جده أو ابنه.

مذهب الظاهرية (?) :

إذا رأى العادل أباه الباغى أو جده يقصد إلى مسلم يريد قتله أو ظلمه ففرض على الابن حينئذ إلا يشتغل بغيره عنه، وفرض عليه دفعه عن المسلم بأى وجه أمكنه، وإن كان فى ذلك قتل الأب والجد والأم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015