معنى الآية فى اللغة:
قال فى القاموس: الآية العلامة، والشخص والجمع آيات وآى، والعبرة والإمارة، ومن القرآن: كلام متصل إلى انقطاعه (?) .
الآية فى الاصطلاح:
قيل الآية طائفة من القرآن منقطعة عما قبلها وما بعدها ليس بينها شبه بما سواها. وقال ابن المنير فى البحر: ليس فى القرآن كلمة واحدة آية إلا " مدهامتان ". وقال بعضهم: الصحيح أنها إنما تعلم بتوقيف من الشارع لا مجال للقياس فيه كمعرفة السورة. فالآية، طائفة حروف من القرآن علم بالتوقيف بانقطاعها معنى عن الكلام الذى قبلها وعن الكلام الذى بعدها (?) .
هل البسملة آية من القرآن أو بعض: لاخلاف بين علماء المسلمين فى أن البسملة الواردة فى سورة النمل من قوله تعالى: " أنه من سليمان وانه بسم الله الرحمن الرحيم (?) " ليست آية كاملة بل هى بعض آيه.
وإنما الخلاف بينهم فى البسملة الواردة فى أوائل السور ما عدا براءة.
ففى المجموع للنووى قال: هناك رواية للإمام أحمد أنها ليست من الفاتحة (?) .
وفى المجموع أيضا قال مذهبنا (أى الشافعية) أن بسم الله الرحمن الرحيم آية كاملة بلا خلاف، وليست فى أول براءة بإجماع المسلمين، وأما باقى السور غير الفاتحة وبراءة ففى البسملة فى أول كل سورة منها ثلاثة أقوال حكاها الخراسانيون وأشهرها، وهو الصواب أو الأصوب: أنها آيه كاملة والثانى أنها بعض آية. والثالث أنها ليست بقرآن فى أوائل السور غير الفاتحة.
والمذهب أنها قرآن فى أوائل السور غير براءة (?) .
ثم قال فى المجموع: واحتج أصحابنا بأن الصحابة رضى الله عنهم أجمعوا على إثباتها فى المصحف جميعا فى أوائل السور سوى براءة بخط المصحف بخلاف الأعشار وغيرها فإنها تكتب بمداد أحمر، فلو لم تكن قرآنا لما استجازوا إثباتها بخط المصحف من غير تمييز، لأن ذلك يحمل على اعتقاد إنها قرآن فيكونون مغررين بالمسلمين حاملين لهم على اعتقاد ما ليس بقرآن قرآنا، فهذا مما لا يجوز اعتقاده فى الصحابة رضى الله عنهم (?) .
وفى حاشية الصفتى للمالكية (?) : قال وذهب الإمام مالك وجماعة إلى أن البسملة ليست فى أوائل السور من القرآن أصلا، وإنما هى للفصل بين السور. والدليل على ذلك أحاديث كثيرة منها ما رواه مالك والبخارى عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال: صليت خلف النبى صلى الله عليه وسلم وأبى بكر وعمر وعثمان وعلى فكانوا يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين، ولم يكونوا يفتتحون القراءة ببسم الله الرحمن الرحيم.
والحديث القدسى الذى رواه مالك فى الموطأ ومسلم فى صحيحه- واللفظ له - عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهى خداج (?) ثلاثا غير تمام فقيل لأبى هريرة: إنا نكون وراء الإمام فقال: اقرأ بها فى نفسك، فإنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله تعالى: (قسمت الصلاة بينى وبين عبدى نصفين، ولعبدى ما سأل. فاذا قال العبد الحمد لله رب العالمين. قال الله تعالى: حمدنى عبدى وإذا قال: الرحمن الرحيم قال الله تعالى: اثنى على عبدى. وإذا قال: مالك يوم الدين. قال: مجدنى عبدى وقال مرة: فوض إلى عبدى. إذا قال: إياك نعبد وإياك نستعين. قال: هذا بينى وبين عبدى ولعبدى ما سأل. فإذا قال: إهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين. قال: هذا لعبدى. ولعبدى ما سأل) (?) . قال النووى فى شرح مسلم: وهذا من أوضح أدلة المالكية.
وعند الحنابلة: قال فى كشاف القناع: وليست بسم الله الرحمن الرحيم آية من الفاتحة. جزم به أكثر الأصحاب وصححه ابن الجوزى وابن تميم. وصاحب الفروع وحكاه القاضى إجماعا لحديث " قسمت الصلاة ". ولو كانت آيه لعدها وبدأ بها ولما تحقق التنصيف وقال أيضا إنها ليست آية من غير الفاتحة (?) .
وعند الإمامية: قال فى تذكرة الفقهاء: البسملة آية من الحمد ومن كل سورة عدا براءة وفى النمل آية (أى فى أولها) وبعض آية أى فى وسطها، وذلك لأن النبى صلى الله عليه وسلم قرأ فى الصلاة ببسم الله الرحمن الرحيم وعدها آية " الحمد لله رب العالمين" آيتين.
وقال عليه الصلاة والسلام: إذا قرأتم الحمد فاقرأوا بسم الله الرحمن الرحيم فإنها من أم الكتاب، وإنها من السبع المثانى. وبسم الله الرحمن الرحيم آية منها ومن طريق الخاصة قول الصادق وقد سأله معاويه بن عمار: إذا قمت إلى الصلاة اقرأ بسم الله الرحمن الرحيم فى فاتحه الكتاب؟ قال نعم: قلت فإذا قرأت فاتحة الكتاب اقرأ بسم الله الرحمن الرحيم مع السورة قال: نعم.
وقد أثبتها الصحابة بخط المصحف مع تشددهم فى عدم كتابة ما ليس من القرآن فيه. ومنعهم من النقط والتعشير (?) . وعند الزيدية قال فى البحر الزخار: والبسملة آية إذ هى فى المصاحف ولم يثبت فيها (أى المصاحف) غير القرآن. ثم قال: وهى آية من كل سورة لانفصالها معنى وخطا ولفظا ... وهى سابعة الفاتحة قطعا لتواترها معها خطا ولفظا. ويؤيد ذلك ما روى عن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس: كم الحمد آية؟ قال: سبع آيات. قلت: فأين السابعة؟ قال: بسم الله الرحمن الرحيم
وعن ابن عباس أيضا: " ولقد آتيناك سبعا من المثانى (?) " قال: فاتحة الكتاب.. ثم قرأ بسم الله الرحمن الرحيم. وقال: هى السابعة.
وحكى فى الكشاف إنه قال: من تركها فقد ترك مائة وأربع عشرة آية (?) .
وعند الظاهرية قال ابن حزم فى المحلى: ومن كان يقرأ برواية من عد من القراء بسم الله الرحمن الرحيم آيه من القرآن لم تجزه الصلاة إلا بالبسملة. وهم عاصم ابن أبى النجود وحمزة والكسائى وعبد الله بن كثير وغيرهم من الصحابه والتابعين رضى الله عنهم.
ومن كان يقرأ برواية من لا يعدها آية من أم القرآن فهو مخير بين أن يبسمل وبين إلا يبسمل وهم ابن عامر وأبو عمرو ويعقوب. وفى بعض الروايات عن نافع (?) . وعند الحنفية: قال الإمام أبو بكر الحصاص فى أحكام القرآن:
ولا خلاف بين علماء الأمة وقرائها إن البسملة ليست بآيه تامة فى سورة النمل وإنها هناك بعض آية، وإن ابتداء الآية من قوله سبحانه " أنه من سليمان "، ومع ذلك فكونها ليست بآية تامة فى سورة النمل لا يمنع أن تكون آية تامة فى غيرها، لأنا نجد مثل ذلك فى مواضع من القرآن ألا ترى أن قول الله تعالى " الرحمن الرحيم " فى ثنايا سورة الفاتحة آية تامة وليست بآيه تامة من قوله عز وجل " بسم الله الرحمن الرحيم " باتفاق الجميع.
وكذا قوله سبحانه " الحمد لله رب العالمين " آية تامة فى أول الفاتحة. وبعض آية فى قوله تعالى: " وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين (?) "، وإذا كان كذلك احتمل أن تكون بعض آية فى فصول السور، واحتمل أن تكون آية، فالأولى أن تكون آية تامة من القرآن من غير سورة النمل، لأن التى فى سورة النمل ليست بآية تامة باتفاق الأمة والدليل على أنها آية تامة حديث ابن أبى مليكة عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأها فى الصلاة فعدها آية. وفى لفظ آخر أن النبى صلى الله عليه وسلم كان - يعد بسم الله الرحمن الرحيم آية فاصلة، كما رواه الهيثم بن خالد فثبت بهذا إنها آيه إذ لم تعارض هذه الأخبار أخبار غيرها فى كونها آية (?) .
وعند الإباضية: فى كتاب النيل وشفاء العليل. والبسملة آية من كل سورة على المختار (?) .
آية البسملة فى بدء القراءة:
قال الإمام أبو بكر الجصاص: وافتتاح القراءة بالبسملة أمر ورد مصرحا به فى أول وحى قرآنى أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فى قوله تعالى: " اقرأ باسم ربك الذى خلق " فقد أمر سبحانه فى افتتاح القراءة بالتسمية كما أمر بتقديم الاستعاذة أمام القراءة فى قوله تعالى: " فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم (?) "، والبسملة وإن كانت خبرا فإنها تتضمن معنى الأمر. لأنه لما كان معلوما أنه خبر من الله عز وجل بأنه يبدأ باسم الله ففيه أمر لنا بالابتداء به والتبرك بافتتاحه لأنه سبحانه إنما أخبرنا به لنفعل مثله (?) .
آى فاتحة الكتاب سبع:
وهل تقرأ البسملة معها فى الصلاة؟
فى تفسير القرطبى: أجمعت الأمة على ان فاتحة الكتاب سبع آيات إلا ما روى عن حسين الجعفى انها ست وعن عمرو بن عبيد أنها ثمانى آيات، ويؤيد ما أتفقت عليه الأمة من أن الفاتحة سبع آيات، قوله تعالى: " ولقد آتيناك سبعا من المثانى والقرآن العظيم ".
وقوله صلى الله عليه وسلم: فيما يروية عن ربه عز وجل: "قسمت الصلاة بينى وبين عبدى نصفين ... الحديث "، وبه يرد على هذه الأقوال.
وفى الإتقان للسيوطى: ويردها أيضا ما أخرج الدار قطنى بسند صحيح عن عبد خير قال: سئل على كرم الله وجهه عن السبع المثانى، فقال: الحمد لله رب العالمين.
فقيل له: إنما هى ست آيات
فقال: بسم الله الرحمن الرحيم آية. وأما قراءة البسملة مع الفاتحة فى الصلاة فاختلف الفقهاء فيها على النحو الآتى:
- فكان أبو حنيفة وأصحابه يقولون بقراءتها فى الصلاة سرا، لا يرون الجهر بها لامام ولا لمنفرد، بعد الاستفادة وقبل فاتحة الكتاب تبركا بها فى الركعة الأولى كالتعوذ، باتفاق الروايات عن أبى حنيفة، وذلك مسنون فى المشهور عند أهل المذهب.
وصحح الزاهدى وغيره وجوبها كما فى البحر الرائق، وقال ابن عابدين فى حاشيته على البحر ناقلا عن النهر، والحق أنهما قولان مرجحان فى المذهب، إلا أن المتون على الأول.
واختلف الحنفية فى الإتيان بها فى كل ركعة، ولأبى حنيفة رحمه الله روايتان:
الأولى: ما رواه محمد بن الحسن والحسن بن زياد أنه قال: إذا قرأها فى أول ركعة عند ابتداء القراءة لم يكن عليه أن يقرأها حتى يسلم، لأنها ليست من الفاتحة عندنا، وإنما تفتح القراءة بها تبركا، وذلك مختص بالركعة الأولى شأنها شأن الاستعاذة.
الثانية: ما رواه المعلى عن أبى يوسف عن أبى حنيفة أنه يأتى بها فى كل ركعة وهو قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى، وهو أقرب الى الاحتياط لاختلاف العلماء والأثار، ولأن التسمية وأن لم تجعل من الفاتحة قطعا بخبر الواحد، لكن خبر الواحد يوجب العمل فصارت من الفاتحة عملا (?) .
وقالت المالكية: تكره البسملة فى صلاة الفرض لكل مصل، إماما كان أو مأموما أو منفردا، سرا كانت الصلاة أو جهرا، فى الفاتحة وغيرها، قال ابن عبد البر:
هذا هو المشهور عن الإمام مالك رضى الله عنه وبه وردت السنة المطهرة، وعليه عمل الخلفاء الراشدين رضى الله عنهم. قال أنس رضى الله عنه: صليت خلف رسول الله صلى عليه وسلم وأبى بكر وعمر وعثمان وعلى، فكانوا يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين ولم اسمعهم يبسملون.
وقيل بإباحتها، وقيل بندبها، وقيل بوجوبها. قال القرافى وغيره: الورع البسملة أول الفاتحة للخروج من الخلاف.
ثم قال: ومحل كراهة الإتيان بالبسملة إذا لم يقصد الخروج من خلاف المذاهب فإن قصده فلا كراهة (?) .
وفى حاشية الصفتى. قال: وأما التسمية فى النافلة فجائزة مطلقا فى السر والجهر، فى الفاتحة والسورة (?) .
وعند الشافعية: آيه البسملة تفرض قراتها مع الفاتحة، لأنها آية مكملة لها فلا تكمل الفاتحة بدونها.
قال فى شرح الإقناع: " الرابع من أركان الصلاة قراءة الفاتحة فى كل ركعة، وبسم الله الرحمن الرحيم آية منها لما روى إنه صلى الله عليه وسلم عد الفاتحة"سبع آيات، وعد بسم الله الرحمن الرحيم آيه منها " رواه البخارى فى تاريخه.
وروى الدار قطنى عن أبى هريرة رضى الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: " إذا قرأتم الحمد لله فاقرأوا بسم الله الرحمن الرحيم، انها أم الكتاب وأم القرآن والسبع المثانى، وبسم الله الرحمن الرحيم إحدى آياتها ".
وروى ابن خزيمة بإسناد صحيح عن أم سلمة أن النبى صلى الله عليه وسلم عد بسم الله الرحمن الرحيم آية،. والحمد الله رب العالمين ... إلى آخرها ست آيات (?) .
مذهب الحنابلة: قال ابن قدامة فى المغنى: واختلفت الروايات فى البسملة عن الإمام أحمد، هل هى آية من الفاتحة تجب قراءتها فى الصلاة أو لا؟ فعنه إنها من الفاتحة، لحديث أم سلمة وحديث أبى هريرة " إذا قرأتم الحمد لله رب العالمين فاقرأوا بسم الله الرحمن الرحيم ".
ولأن الصحابه إثبتوها فى المصحف، ولم يثبتوا بين الدفتين سوى القرآن.
وروى عن الامام احمد إنها ليست من الفاتحة، ولا آية من غيرها، ولا تجب قراءتها فى الصلاة. وهى الرواية المقصودة عند أصحابه، والدليل على أنها ليست آيه من الفاتحة حديث " قسمت الصلاة بينى وبين عبدى نصفين.. إلخ (?) ".
مذهب الإمامية: قالوا البسملة آية من الحمد ومن كل سورة، عدا براءة أى فتجب قراءتها فى الصلاة.
قال فى تذكرة الفقهاء: البسملة آية من الحمد، لأن النبى صلى الله عليه وسلم قرأ فى الصلاة ببسم الله الرحمن الرحيم، وعدها آيه ... إلى آخر الحديث وقال عليه الصلاة والسلام: " إذا قرأتم الحمد فاقراوا بسم الله الرحمن الرحيم ... إلخ " (?)
وفى مجمع البيان للطبرسى قال: اتفق أصحابنا على ان بسم الله الرحمن الرحيم آيه من سورة الحمد وان من تركها فى الصلاة بطلت صلاته سواء كانت الصلاة فرضا أو نفلا (?) . وعند الزيدية: البسملة آية من الفاتحة أى"فتجب قراءتها مع الفاتحة وتبطل الصلاة بتركها.
قال فى البحر الزخار (وهى أى البسملة) سابعة الفاتحة قطعا لتواترها معها خطأ ولفظا ويؤيده الأخبار التي سبق الاستدلال بها على أنها آية من الفاتحة فى مذهبهم.
، فى فقه الإباضية من كتاب النيل: قال " ولزمت البسملة مع الفاتحة وهى أية من أول كل سورة على المختار سرا فى سر، وجهرا فى جهر. وإن تعمد تركها أعاد صلاته. وأن تذكر البسملة فى ركوع مضى. وهل يرجع إليها إن ذكرها فى قراءة ما لم يتم الفاتحة أو السورة؟ قولان ... ويعيدها ما قرأ إن رجع " (?) .
مذهب الظاهرية: سبق ذكر رأى صاحب المحلى فى هذا عند الكلام على كونها آيه من كل سورة.
الآيات التى يطلب قراءتها مع الفاتحة فى الصلاة وحكم البسملة معها:
قال فى البدائع: والواجب عند الحنفية آية طويلة أو ثلاث آيات قصار أو سورة تعدل ثلاث آيات من أى جهة من القرآن شاء لما روى " لا صلاة الا بفاتحة الكتاب وسورة معها " وفى رواية " وشىء معها ". ولمواظبته صلى الله عليه وسلم على ذلك، وأقل السور ثلاث آيات.
وفى فقه الإباضية: فرض الصلاة قراءة سورة مع الفاتحة بمحل الجهر على خلاف فى مقدار هذه السورة (?) .
وعند المالكية: قال فى الشرح الصغير وسن قراءة آية (أى بعد الفاتحة) واتمام السورة مندوب ويقوم مقام الآية بعض آيه طويلة له بال أى شأن نحو " الله لا إله إلا هو الحى القيوم (?) "، ولايكفى قراءة ذلك قبل الفاتحة. وإنما يسن ما زاد على أم القرآن فى الركعة الأولى والثانية إذا اتسع الوقت فإن ضاق بحيث يخشى خروجه بقراءتها لم تسن بل يجب تركها لإدراكه (?) .
وعند الشافعية: يسن قراءة سورة ولو قصيرة فى الركعتين الأوليين من كل صلاة ولو نفلا بعد الفاتحة وذلك هيئة من هيئات الصلاة ولو تركها لا يسجد للسهو عنها.
ففى شرح الوجيز للرافعى قال: ويسن للإمام والمنفرد قراءة سورة بعد. الفاتحة فى ركعتى الصبح والأوليين من سائر الصلوات، وهذأ يتأدى بقراءة شىء من القرآن لكن السورة أحب حتى أن السورة القصيرة أولى من بعض سورة طويلة (?)
وعند الحنابلة: قال فى كشاف القناع:
" ثم يقرأ بعد الفاتحة سورة كاملة "، ولا خلاف بين أهل العلم فى استحباب قراءة سورة مع الفاتحة. فى الركعتين الأوليين من كل صلاة وتجزىء آية، إلا أن استحب أن تكون الأيه طويلة، كآية الدين وآيه الكرسى، لتشبه بعض السور القصار (?) .
وعند الإمامية، قال فى المختصر النافع:
" وفى وجوب سور مع الحمد فى الفرائض للمختار مع سعة الوقت وإمكان التعلم قولان أظهرهما الوجوب " (?) .
عند الزيدية: قال فى الروض النضير: ذهب القاسم والهادى والمريد بالله واختاره صاحب النجوم، ويحكى عن عمر بن الخطاب وابنه عبد الله وعثمان بن إبى العاص الى أنه لابد من شىء مع الفاتحة.
فقال الهادى: ثلاث آيات لتسمى قرآنا. وقال القاسم والمزيد بالله أو آية طويلة. واحتجوا بحديث أبى داود والنسائى. " لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب فصاعدا " (?)
ومذهب الظاهرية: قال ابن حزم فى المحلى: " والجمع بين السور فى ركعة واحدة فى الفرض والتطوع أيضا حسن، وكذا قراءة بعض السور فى الركعة فى
الفرض والتطوع أيضا حسن الإمام والفذ " (?) .
هل الآية الواحدة تكفى فى الصلاة بدل الفاتحة؟
مذهب جميع الأئمة فرضية قراءة الفاتحة فى الصلاة ما عدا مذهب الحنفية غير أن أبا حنيفة رحمه الله قال فيمن لا يحسن إلا آية واحدة لا يلزمه تكرارها بل يكفيه قراءتها مرة واحدة. وقال صاحباه لابد من ثلاث آيات.
أما مذهب الحنفية فان الفرض الذى تصح به الصلاة هو مطلق القراءة وعند أبى حنيفة يكفى قراءة آية ولو قصيرة وعند الصاحبين لابد من قراءة ثلاث آيات قصار أو آية طويلة بمقدارها.
اما العاجز فقد قال فى منية المصلى:
" ومن كان لايحسن إلا قراءة آية واحدة من القرآن لا يلزمه تكرار تلك الآية عند أبى حنيفة، وعندهما يلزمه التكرار ثلاث مرات. بناء على أن مذهبهما أن صحة الصلاة تتوقف على قراءة ثلاث آيات قصار أو آية طويلة تبلغ هذا المقدار من القراءة (?) .
ثم قال: وأما القادر على قراءة آيه واحدة لو كرر نصف تلك الآية مرتين أو كرر كلمة مرارا حتى بلغ قدر آيه لا يجوز عند أبى حنيفة. وكذا القادر على قراءة ثلاث آيات لو كرر آية ثلاث مرات لا يجوز عندهما لأن التكرار لا يؤدى معنى المجموع من القرآنية فلا تجزىء عنه عند القراءة (?) .
قراءة الآية بغير العربية فى الصلاة
مذهب الأئمة جميعا ما عدا الحنفية أنه لا تجزئ القراءة بغير العربية فى الصلاة مطلقا، سواء كان قادرا على العربية أم عاجزا عنها. أما الحنفية فقد قال فى الهداية " ثم جواز الصلاة وصحتها كما يثبت بالقراءة بالعربية يثبت بالقراءة بغيرها فارسية كانت أو غير فارسية وهو الصحيح من مذهب أبى حنيفة " (?)
وزاد فى المبسوط سواء كان يحسن العربية أو لا يحسنها، فالقراءة جائزة غير أنه يكره أن كان يحتقن العربية، وقال أبو يوسف ومحمد إن كان لايحسن العربية يجوز. وإن كان يحسن العربية لا يجوز.
هل يغنى عن الآية أو الآيات شئ من الذكر أو الدعاء فى الصلاة
عند الشافعية والظاهرية: من عجز عن الفاتحة وغيرها من القرأن يأتى بذكر ودعاء بدلها وإن عجز عن الذكر والدعاء سكت بمقدار الفاتحة وليسع فى تعلمها وجوبا.
وعند الزيدية: من لا يحسن الفاتحة يسبح الله ويذكره بدل الفاتحة. قال فى الروض النضير: سألت زيد ابن على عن الأمى الذى لا يحسن أن يقرأ كيف يصلى؟
فقال: يسبح ويذكر الله تعالى ويجزئه ذلك (?) .
وعند المالكية: إن لم يجد معلما أو لم يقبل التعليم يأتم بمن يحسنها. فإن لم يجد إماما سقطت القراءة عنه (?) .
وعند الإمامية: قال فى المختصر النافع: ولو عجز سبح الله وكبره وهلله بقدر القراءة (?) .
وعند الإباضية: أن قرأ القرأن بغير العربية أو قرأ غير القرآن فسدت الصلاة (?) .
آيات سجود التلاوة:
تسمى سجود القراءة وسجود العزائم، كما فى المصباح. وعزائم السجود ما أمر بالسجود فيها وعدد آيات سجود. التلاوة عند الأحناف والشافعية والحنابلة والظاهرية أربع عشرة سجدة إلا أن بينهم خلافا فى تعيينها سنذكره إن شاء الله بعد.
وعند المالكية: عددها إحدى عشرة سجدة لأنهم يقولون ليس فى المفصل منها شىء.
وعند الإمامية والزيدية: إن آى السجود فى أربع سور من القرآن:
ا- حم السجدة، فصلت.
2- ألم، تنزيل (?) .
3- سورة النجم.
4- وسورة اقرأ.
تعيين آيات السجود عند غير الإمامية والزيدية:
اتفق الفقهاء ما عدا الإمامية والزيدية
على عشرة مواضع:
1- آخر سورة الأعراف وهى قوله تعالى: " إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون ".
2- فى سورة الرعد وهى قوله تعالى " ولله يسجد من فى السموات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال ".
3- فى سورة النحل وهى قوله " ولله يسجد ما فى السموات وما فى الأرض من دابة والملائكة وهم لا يستكبرون يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون ".
4- فى سورة الإسراء وهى قوله تعالى: " إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا ".
5- فى سورة مريم وهى قوله تعالى: " أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل وممن هدينا وأجتبينا، إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا ".
6- الأولى من سورة الحج وهى قوله تعالى: " ألم تر أن الله يسجد له من فى
السموات ومن فى الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب، ومن يهن الله فما له من مكرم، ان الله يفعل ما يشاء".
7- فى سورة الفرقان وهى قوله تعالى: " وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفورا ".
8- فى سورة النمل وهى قوله تعالى: " ألا يسجدوا لله الذى يخرج الحبء فى السموات والأرض، ويعلم ما تخفون وما تعلنون. الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم ".
9- فى سورة ألم تنزيل، السجدة، وهى قوله تعالى: " إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون ".
10- فى حم، فصلت، السجدة وهى قوله تعالى: " ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر، لا تسجدوا للشمس ولا للقمر، واسجدوا لله الذى خلقهن إن كنتم إياه تعبدون، فإن استكبروا فالذين عند ربك يسبحون له بالليل والنهار وهم لا يسأمون "
وأما الآيات التى أختلف فيها الأئمة فهى آيه " ص " والآية الأخيرة من سورة الحج، والآيات الثلاث التى فى المفصل، واليك بيان مذاهبهم فيها:
فأما المالكية: فاعتبروا آيه " ص " هى الحادية عشرة، وهى قوله تعالى " وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا واناب "
واقتصروا فى عد آيات السجود على ذلك، ولم يعدوا منها آيات المفصل الثلاثة كما سبق.
وأما الأحناف فانهم وإن وافقوا المالكية فى عد آية " ص " من آيات السجود إلا أنهم زادوا على المالكية ثلاث آيات فى المفصل وهى ما يأتى:
1- فى سورة النجم وهى قوله تعالى: " أفمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون. وأنتم سامدون. فاسجدوا لله واعبدوا".
-2- فى سورة الانشقاق، وهى قوله تعالى: " فما لهم لا يؤمنون. واذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون ".
3- فى سورة العلق، وهى قوله تعالى:
" كلا لا تطعه واسجد واقترب " ... فهى عندهم أربع عشرة سجدة وآية " ص " منها.
وأما الشافعية: فقالوا أيضا: انها أربع عشرة سجدة ولم يعدوا آية " ص ". منها، بل عدوا بدلها الآيه التى فى آخر سورة الحج وهى قوله تعالى: " يأيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون ".
ووافق الحنابلة الشافعية فى عد لثانية من سورة الحج ولم يعدوا آبه " ص " من عزائم السجود بل اعتبروها كالشافعية سجدة تثكر تسن فى غير صلاة، لقول النبى صلى الله عليه وسلم: " سجدها داود توبة ونسجدها شكرا " رواه النسائى.
وأما الظاهرية: فقد وافقوا الأحناف فى عد آيه " ص " ولم يعدوا الآية الأخيرة من سورة الحج.
وقد علم مما سبق ان الإمامية (?) والزيدية (?) يعدون آيات السجود أربعا فقط. ويقولون لما روى عن على عليه السلام أنه قال: عزائم القرآن أربع:
1- حم، السجدة، فصلت.
2- الم تنزيل، السجدة.
3- سورة النجم.
4- سورة اقرأ باسم ربك.
وسائر ما فى القرآن ان شئت فاسجد،
وان شت فاترك
وفى رواية ذكر سورة إذا السماء انشقت بدلا من سورة النجم، والذى حكاه فى مجموع زيد بن على عليه السلام نحو الرواية الأولى فقط.
ومذهب الإباضية فى آيات السجود: قال
فى النيل: " سن للتلاوة والسجود بلا إحرام ولا سلام بعده فى:
- خاتمة الأعراف.
2- الرعد.
3- النحل.
4- الا سراء.
5- مريم.
6- الحج.
7- الفرقان.
8- النمل.
9- الم تنزيل.
10- "ص".
11- حم، تنزيل من الرحمن الرحيم، عند قوله تعالى " لا يسأمون " (?) .
حكم قراءة آية أو كتابتها للجنب والحائض والنفساء وحكم مس آية وحملها لغير المتوضئ
مذهب الأحناف: قال فى الفتاوى الهندية وغيرها: يحرم على الجنب والحائض والنفساء قراءة شئ من القرآن ولو بالفارسية قل أو كثر، والآية ومادون الآية سواء فى التحريم على الأصح إلا إذا لم يقصد قراءة القرآن بما دون الآية مثل أن يقول الحمد لله عند الخبر السار أو يقصد بذلك شكر نعم الله تعالى عليه، أو يقول بسم الله عند الأكل أو الشرب أو للتبرك بها عند دخول مكان أو بدء عمل، أو سبحان الله عند ألاستحسان أو التعجب، أو يقرأ الآيات التى تشبه الدعاء قاصدا الدعاء لا التلاوة، مثل قوله تعالى: " ربنا آتنا فى الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار (?) ".. فإن ذلك لا بأس به.
ولو قصد التعليم ولقن الآيه كلمة كلمة مع قطع الكلمات بعضها عن بعض جاز.
وكذا التهجى، والحائض والجنب فى ذلك - سواء على ما هو المختار من المذهب (?) .
وفى الدر المختار مع حاشية ابن عابدين، وكذا يحرم على من أحدث حدثا أصغر
أو أكبر مس أى شىء مكتوب فيه آية أو أقل مثل الدرهم والجدار والورق وكذا المصحف (?) .
وعند المالكية: قال. فى الشرح الكبير مع حاشية الدسوقى، ومنع حدث أصغر أو
أكبر مس مصحف سواء كان مصحفا جامعا أو جزءا أو ورقة فيها بعض سورة أو لوحا
أو كتفا عليها آية أو آيات مكتوبة (?) .
وعند الشافعية: قال ابن حجر، - ويحرم بالحدث الأصغر حمل المصحف ومس ورقه وحواشيه وجلده المتصل به لا المنفصل عنه (?) .
مذهب الحنابلة: قال فى كشاف القناع، ويحرم على المحدث ولو أصغر مس مصحف وبعضه ولو من صغير حتى جلد المصحف وحواشيه وما فيه ومن ورق أبيض لأنه يشعله
اسم المصحف (?) .
مذهب الظاهرية: قال ابن حزم فى المحلى وقراءة القرآن والسجود فيه ومس المصحف وذكر الله تعالى جائز كل ذلك بوضوء وبغير وضوء وللجنب وللحائض (?) .
مذهب الإمامية: قال فى تذكرة الفقهاء: يحرم على الجنب قراءة العزائم دون ما عداها ويكره ما زاد على سبع آيات من غيرها.
وتتأكد الكراهة فيما زاد على سبعين (?) .
مذهب الزيدية: قال فى البحر الزخار ما نصه: ولا يقرأ الجنب والحائض باللسان أو الكتابه المرتسمة ولو بعض آية، ويجوز ما فعل لغير التلاوة، وفى الروض النضير ما يفيد عدم جواز مس المصحف لهما (?) .
مذهب الإباضية: قال: فى النيل: والأكثر على منع الجنب من القراءة ومس المصحف (?) ومنع الحائض من القراءة ومس المصحف (?) .
حكم قراءة آية أو أكثر أو كتابتها وحملها لدفع ضر أو جلب نفع
- وقد ذكر الحافط ابن حجر فى فتح البارى ما يلى: قد أجمع العلماء على جواز الرقى عند اجتماع ثلاثة شروط:
ا- أن يكون بكلام الله تعالى أو بأسمائه وصفاته.
2- أن يكون باللسان العربى أو بما يعرف معناه من غيره.
3- أن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها (?) (انظر: رقية)
وقال الخطيب الشربينى الشافعى فى آخر باب الحيض: ويحرم مس ما فى لدرس قرآن ولو بعض آيه كلوح، لأن القران قد أثبت فيه الدراسة فأشبه المصحف.
أما ما كتب لغير الدراسة كالتميمة وهى ورقة يكتب فيها شئ من القرآن وتعلق على الرأس مثلا للتبرك. فلا يحل مسها ولا حملها.
ثم قال: ويكره كتابه الحروز (التمائم) وتعليقها ألا اذا جعل عليها وقاية كشمع أو نحوه.
ثم قال: ولا يكره كتب شئ من القرآن فى إناء ليسقى ماؤه للشفاء، وأكل الطعام (أى المكتوب عليه قرآن) كشرب الماء لا كراهة فيه (?) .
حكم أخذ الاجرة على قراءة آية أو تعليمها
قال ابن عابدين فى حاشيته على الدر المختار: واختلف فى أخذ الأجرة على تعليم القرآن فقال الحاكم من أصحابنا فى كتابه الكافى: ولا يجوز أن يستأجر رجل رجلا ليعلم أولاده القرآن والفقه ... إلخ.
ثم قال: وفى خلاصة الفتاوى لا يجوز الاستئجار على الطاعة كتعليم القرآن والفقه والأذان، يعنى لا يجب الأجر.
وفى الزيلعى: والفتوى اليوم على جواز الاستئجار لتعليم القرآن، وهو مذهب المتأخرين من مشايخ بلخ، استحسنوا ذلك وقالوا: بنى المتقدمون الجواب على ما شاهدوه من قلة الحفاظ ورغبة الناس، وكان لهم عطيات فى بيت المال، فكانوا يفتون بوجوب التعليم خوفا من ذهاب القرآن. وتحريضا على التعليم فيكثر حفاظ القرآن. وأما اليوم فذهب ذلك كله، واشتغل الحفاظ بمعاشهم، وقل من يعلم حسبة، ولا يتفرغون له أيضا فان حاجتهم تمنعهم من ذلك، فلو لم يفتح لهم باب التعليم بالأجر لذهب القرآن. فأفتوا بذلك لذلك ورأوه حسنا، وقالوا: الأحكام تختلف
بإختلاف الزمان. ألا ترى أن النساء كن يخرجن الى الجماعات فى زمن الرسول صلى الله عليه وسلم وفى زمن أبى بكر رضى الله عنه حتى منعهن عمر رضى الله عنه واستقر الأمر عليه وكان ذلك هو الصواب (?) .
وقال الصنعانى فى سبل السلام: ذهب الجمهور ومالك والشافعى إلى جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن سواء كان المتعلم صغيرا أم كبيرا ولو تعين تعليمه، عملا بحديث البخارى عن ابن عباس عن النبى صلى الله عليه وسلم: " ان أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله " (?) .
وقال ابن حزم فى المحلى: والإجارة جائزة على تعليم القرأن وعلى تعليم العلم مشاهرة وجملة وكل ذلك جائز، وعلى الرقى وعلى نسخ المصاحف ونسخ كتب العلم لأنه لم يأت فى النهى نص، بل جاءت الاباحة فى حديث " أن أحق ما أخذتم عليه أجرأ كتاب الله (?)
وفصلت الإمامية بين الأجر الذى يؤخذ بطريق الاشتراط وبين ما لم يكن مشروطا بل جاء بطريق الإهداء:
1- ففى تذكرة الفقهاء قال: يجوز أخذ الأجرة على تعليم الحكم والآداب والأشعار وتكره على تعليم القرآن، لحديث " من أخذ على تعليم القرآن أجرا كان حظه يوم القيامة "
2- وورد عن الصادق عليه السلام قال:
" المعلم لا يعلم بالأجرة ويقبل الهدية إذا أهدى اليه ".
3- ولا تنافى بين الخبرين لأن الأول محمول على أنه لا يجوز له أن يشارط فى تعليم القرآن أجرا معلوما. والثانى على أنه ان أهدى إليه بشىء، وكرم بتحفة جاز له أخذها (?) .
وفى كشاف القناع: ويحرم ولا يصح اجارة على عمل لا يقع الا قربه لفاعله ويصح أخذ جعالة على ذلك كما يجوز أخذه عليه بلا شرط وكذا حكم الرقية (?) .
مذهب الإباضية: فى حكم أخذ الأجرة على التعليم والقراء ة، قال فى النيل (?) : " وجاز أخذ عوض على تعليم القرآن وعمل مؤد لنفعه ونفع مؤاجره ".
هل تعليم آية او آيات من القرآن
يجزئ مهرا الزوجة
قال فى البحر الرائق شرح كنز الدقائق:
" يجب مهر المثل اذا جعل الصداق تعليم القرآن لأن المشروع إنما هو الابتغاء بالمال.، أى وهو قوله تعالى: " وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين " (?) .
والتعليم ليس بمال، وكذا المنافع على أصلنا لأن التعليم عبادة فلا يصح أن يكون صداقا، ولأن قوله تعالى: " فنصف ما فرضتم (?) " يدل على انه لابد أن يكون المفروض مما له نصف حتى يمكنه أن يرجع عليها بنصفه اذا طلقها قبل الدخول بعد القبض، ولا يمكن ذلك فى التعليم.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم:
" زوجتكما بما معك من القران " فليست الباء متعينة للعوض لجواز أن تكون للسببية أو للتعليل أى لأجل أنك من أهل القرآن أو المراد ببركة ما معك من القرآن فلا يصلح دليلا (?) .
وفى حاشية ابن عابدين الحنفى قال: يجب مهر المثل فيما لو تزوجها على أن يعلمها القرآن أو نحوه، لأن المسمى ليس بمال كما فى البدائع لعدم صحة الاستئجار على الطاعات عند أئمتنا الثلاثة رحمهم الله تعالى ثم قال: ولما جوز الامام الشافعى رحمه الله أخذ الأجرة على تعليم القرآن صح تسميته مهرا (?) .
وفى كشاف القناع (?) : وان أصدقها تعليم شئ معين من القرآن لم يصح الإصداق، لأن الفروج لا تستباح إلا بالمال لقوله تعالى: " أن تبتغوا بأموالكم " " ومن لم يستطع منكم طولا (?) " والطول المال، ولأن تعليم القرآن قربة، ولا يصح ان تكون صداقا كالصوم. وحديث الموهوبة معناه زوجتكها لأنك من أهل القرآن.
وفى البحر الزخار (?) للزيدية قال: ويصح جعل تعليم القرآن أو بعضه مهرا. فتطالبه بالتعليم على عادة المعلمين، ولها المطالبة بأى السور لاستوائها فى الفضل، فإن سميت بعضا لزمه بعينه لسؤاله صلى الله عليه وسلم خطيب الواهبة عما معه من القرآن فقال البقرة والتى تليها، فقال: " زوجتكها على أن تعلمها عشرين آية " ويصح أصداق الكتابية تعليم القرآن ان رجا إسلامها لقوله تعالى " حتى يسمع كلام الله " (?) .
وفى المختصر النافع للإمامية: قال: كل ما يملكه المسلم يكون مهرا عينا كان أو دينا أو منفعه كتعليم الصنعة والسورة ويستوى فيه الزوج والأجنبى (?) .
فى المحلى لابن حزم قال: وجائز أن يكون صداقا كل ماله نصف قل أو كثر ولو إنه حبة بر أو حبة شعير أو غير ذلك، وكذا كل عمل حلال موصوف كتعليم شىء من القرآن، أو من العلم أول البناء أو الخياطة أو غير ذلك اذا تراضيا بذلك (?) .
الاستماع الى صدى الصوت
قال فى غنية المتملى، مذهب الأحناف: ولو تهجى آية السجود لا يجب عليه السجود ولا على من سمعه لأنه تعداد للحروف وليس بقراءة وكذا لايجب بالكتابة أو النظر من غير تلفظ لأنه لم يقرأ ولم يسمع ولو سمعها من الطائر أو الصدى (صدى الصوت) لا يجب السجود لأنها محاكاة (?) (انظر مادة قرآن) .
هل الآية الواحدة تسمى قرآنا؟
قال ابن حزم فى المحلى: وبعض الآية والآية قرآن بلا شك (?) .
وقال ابن حزم أيضا: ومن الآيات ما هو كلمة واحدة مثل " والضحى. والعصر. والفجر. ومدهامتان " ومنها كلمات كبيرة (?) .
وفى البرهان للزركشى: حد الأيه قرآن مركب من جمل ولو تقديرا ذو مبدأ ومقطع مندرج فى سورة (?) .
وقال فى المجموع للنووى: والمذهب أن البسملة قرآن فى أوائل السور غير براءة وأنها آية كاملة بلا خلاف (?) .