الحنفية:
يرى الحنفية أن السن التى يعتبر فيها العبد آبقا هى السن التى يعقل فيها الإباق فقد قال فى الأنقروية نقلا عن مختصر التتارخانية " قال محمد فى الأصل: والحكم فى رد الصغير كالحكم فى الكبير إن رده من دون مسافة السفر، فله الرضخ وهو عطاء قليل غير مقدر وفى الكبير أكثر مما يردخ فى الصغير إن كان الكبير أشد مؤنة.
قالوا: وما ذكر فى الجواب فى الصغير محمول على صغير يعقل الإباق، أما من لا يعقله فهو ضال وراد الضال لا يستحق الجعل " (?) وقد صاحب الكافى وشارحه السرخسى فى المبسوط ذلك بأن يكون قد قارب الحلم، فقد جاء فى المبسوط: " وإذا أبقت الأمة ولها صبى رضيع فردها رجل فله جعل واحد لأن الإباق من الرضيع لا يتحقق ثم قال: وإن كان ابنها غلاما قد قارب الحلم فله جعلان ثمانون درهما لأن الإباق تحقق منهما (?) وقد علل الكمال ابن الهمام وجوب الجعل على من قارب الحلم فقال فى فتح القدير: " لأن من لم يراهق لم يعتبر آبقا " (?) ولكن ابن عابدين قال نقلا عن النهر أن قوله أى فى المبسوط قد قارب الحلم غير قيد لقول شارح الوهبانية: " اتفق الأصحاب ان الصغير الذى يجب الجعل برده فى قول محمد هو الذى يعقل الإباق وحاصله أنه لا يشترط كونه مراهقا فى وجوب الجعل برده سواء كان مع أحد أبويه أو وحده بل الشرط أن يعقل الإباق " (?) .
المالكية:
يرى المالكية أن الآبق من كبيرا فقد قال الدسوقى فى حاشيته: على الشرح الكبير للدردير عند تعريف الدردير اللقطة بأنها مال معصوم: المال المعصوم يشمل الرقيق الكبير والاصطلاح أنه آبق لا لقطة: " نعم الرقيق الصغير لقطة " ولكنه لم يذكر حد الكبر " (?) .
الشافعية:
لم نعثر فيما قرأنا من كتب للشافعية على نص يدل على السن التى يعتبر فيها العبد آبقا، غير أنه جاء فى كتاب المنهاج ما قد يؤخذ منه هذا فإنه قد جاء فيه فى باب اللقطة ويجوز أن يلتقط عبدا غير مميز وعند هذه العبارة قال صاحب المغنى ولا يجوز التقاط المميز فى الأمن: " لا فى مفازة ولا غيرها لأنه يستدل فيه على سيده فيصل إليه " ومقتضى هذا أن المميز الذى يراد التقاطه يكون ضالا. وإذا اعتبر التمييز أولى.
الحنابلة:
لتحق الضلال فإنه يعتبر للإباق من باب لم نعثر فيما لدينا من كتبهم على سن محددة للآبق بحيث لو لم يبلغها يكون ضالا ولا يكون آبقا ولكن يمكن أن يؤخذ من جعلهم الآبق الهارب - أن السن فى الإباق هى التى يمكن معها الهرب وهى على الأقل سن التمييز فغير المميز ضال وليس بآبق وقد ذكرنا سابقا ما جاء فى كشاف القناع يقال أبق العبد إذا هربت من سيده (?) .
الزيدية:
يرى الزيدية أن الإباق الذى يعتبر إباقا شرعا يرد به العبد المبيع إنما يكون إذا كان كبيرا قال صاحب البحر الزخار: " ولو أبق صغيرا ثم أبق عند المشترى كبيرا لم يرد ".
ثم نسب إلى الإمام حد الكبر.. فقال: " وحده أى حد الكبر البلوغ وقيل المراهقة قلنا البلوغ أضبط وأقيس (?) وعدم الرد إلا إذا أبق كبيرا عند المشترى يدل على أن الإباق فى الصغر عند البائع ليس عيبا فليس إباقا شرعا.
الظاهرية:
لم نعثر على سن يكون به العبد آبقا عندهم والذى يظهر أنهم لما اعتمدوا على اللغة فى الفرق بين الضال والآبق يكونون قد اعتبروا أن الإباق ملحوظ فيه الهرب عن الكد والإيذاء، ولا يكون هذا إلا من مميز فيكون التميز هو مناط الإباق.
الشيعة الإمامية:
لم نعثر على نص صريح عندهم بخصوص السن التى يكون بها الإباق، ولكنا وجدنا من النصوص ما يؤخذ منه أن الآبق يلزم أن يكون مميزا، فقد جاء فى كتاب شرائع الإسلام بصدد تقسيمه للملقوط بأنه إنسان أو حيوان أو غيره " اللقيط: وهو كل صبى ضائع لا كافل له ولا ريب فى تعلق الحكم بالتقاط الطفل (?) غير المميز وسقوطه فى طرف البالغ العاقل وفى الطفل المميز تردد أشبهه جواز التقاطه لصغره وعجزه عن دفع ضرورته " ثم قال فى شأن من التقط " ولو التقط مملوكا ذكرا وأنثى لزمه حفظه وإيصاله إلى صاحبه ولو أبق منه أو ضاع من غير تفريط لم يضمن ولو كان بتفريط ضمن ". فهذا النص يؤخذ منه أن اللقيط إذا أبق من آخذه لا يكون ضامنا واللقيط هو الصغير الذى لم يبلغ على ما ذكره هو فى أول كلامه والمعقول أن الهروب لا يكون من الصغير إلا إذا كان مميزا يعقل الهرب وليس بلازم أن يكون قد بلغ سن المراهقة فغير المميز ضال وليس بهارب.
الإباضية:
لم نعثر على نص عندهم فى هذا ولكنهم لما جعلوا الأبق هو الهارب كما تقدم فإنه يمكن أن يقال إن الآبق عندهم إنما يكون آبقا إذا كان ممن يتأتى منه الهرب وهذا إنما يتصور فى سن التمييز.