الثالث: أن المرعشي (1150هـ) أيضاً صنع مثل ما صنع أسلافه واعترف فذكر كلام الإيجي والتفتازاني بكامله ثم قال مرتعشا:"أقول: الحاصل أن كلامه تعالى هو العبارات المنظومة كما هو مذهب السلف" (?).الرابع: أن عبدالحكيم السيالكوتي (1067هـ) اختار حكمة أخرى في التحير والاضطراب والرد على جماعته، لا أطيل المقام بذكرها من شاء الإطلاع عليها فليراجع كلامه (?).

الخامس: أن الشيخ رمضان البهشتي شارح حاشية الخيالي اختار خيالاً آخر ولوناً من الاعتراف بالعجز حيث قال بِهَشٍّ وبَهْشٍ:"إن ثبوت القرآن النفسي دونه خرط القتاد" (?).وهكذا نرى كثيراً منهم يضطربون في هذا الأمر وهذا دليل عجزهم عن إثبات الكلام النفسي (?).9 - 12 - وللإمام ابن الجوزي (597هـ) ومؤرخ الإسلام ناقد الرجال الذهبي (748هـ) والإمامين: ابن القيم (751هـ) وابن أبي العز الحنفي (792هـ) كلام قيم - فراجعه - في بيان مخالفتهم للعقل والنقل وإجماع أهل السنة، وأهل البدعة في آن واحد (?).

الوجه الثامن:

أننا نسأل الماتريدية أن الله تعالى لما كلم موسى تكليماً: هل فهم موسى جميع كلام الله أم بعضه؟

كما نسأل الأشعرية: هل سمع موسى عليه السلام جميع كلام الله أم بعضه؟.

فإن قلتم: فهم موسى أو سمع جميع كلام الله تعالى، فقد ارتكبتم كفراً بواحاً آخر حيث ادعيتم أن موسى أحاط بجميع كلام الله وعلمه، وقلتم بأن لكلامه انتهاءً ولا تقولون به أبد الآبدين، ولا عوض العائضين.

وإن قلتم: فهم أو سمع بعضه، فقد أبطلتم "الكلام النفسي" حيث قلتم بتجزئة كلام الله تعالى، وأنتم تقولون: "الكلام النفسي" أمر واحد لا يتجزأ وهدمتم بنيانكم بيانكم، وأخربتم بيوتكم بلسانكم.

قال الإمام أبو نصر السجزي الوائلي الحنفي (444هـ) رحمه الله.

"خاطبني بعض الأشعرية يوماً في هذا الفصل وقال: "التجزؤ على القديم غير جائز".

فقلتُ له: أتقر بأن الله اسمع موسى كلامه على الحقيقة بلا ترجمان؟.

فقال: "نعم".

وهم يطلقون ذلك ويموهون على من لم يخبر مذهبهم، وحقيقة سماع كلام الله من ذاته على أصل الأشعري محال.

لأن سماع الخلق على ما جبلوا عليه من البنية، وأجروا عليه من العادة - لا يكون البتة إلا لما هو صوت أو في معنى الصوت.

وإذا لم يكن كذلك كان الواصل إلى معرفته بضرب من العلم والفهم.

وهما يقومان في وقت مقام السماع لحصول العلم بهما كما يحصل بالسماع.

وربما سمى ذلك سماعاً على التجوز لقربه من معناه.

فأما حقيقة السماع لما يخالف الصوت فلا يتأتى للخلق في العرف الجاري.

فقلت لمخاطبي الأشعري: قد علمنا جميعاً أن حقيقة السماع لكلام الله منه على أصلكم محال.

وليس ههنا من تتقيه وتخشى تشنيعه.

وإنما مذهبك: أن الله يفهم من شاء كلامه بلطيفة منه، حتى يصير عالماً متيقناً بأن الذي فهمه "كلام الله".

والذي أريد أن ألزمك وأردٌ على الفهم وروده على السماع.

فَدَعِ التمويه ودع المصانعة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015