لئلا يسبق إلى الفهم أن المؤلف من الأصوات والحروف قديم، كما ذهبت إليه الحنابلة جهلاً وعناداً؛ وأقام - (النسفي) - غير المخلوق "مقام" غير الحاديث "تنبيهاً على اتحادهما ... " (?).7 - ويقولون بدون حياء ولا حشمة: إنه لا خلاف بينهم وبين المعتزلة في كون القرآن مخلوقاً، وإنهم جميعاً متفقون على القول بخلق القرآن (?).8 - غير أن المعتزلة لا يعترفون بالكلام النفسي (?).
قال التفتازاني (792هـ) فيلسوف الماتريدية، والكوثري مجددهم."وتحقيق الخلاف بيننا وبينهم - (أي المعتزلة) - يرجع إلى إثبات الكلام النفسي، ونفيه، وإلا فنحن لا نقول بقدم الألفاظ والحروف – (ولا بعدم كونها مخلوقة) - وهم لا يقولون بحدوث الكلام النفسي" (?).
وقال متكلم الماتريدية الهندية عبدالعزيز الفريهاري كان حياً (1239هـ) لتحقيق الأخوة بين الماتريدية وبين المعتزلة:
"وإن لم يختلف الفريقان في إثبات النفسي ونفيه فلا نزاع،
فإنا إذا قلنا: "القرآن غير مخلوق" أردنا النفسي.
وإذا قلنا: "القرآن مخلوق" أردنا اللفظي.
فنحن لا نقول بقدم الألفاظ والحروف.
بل بحدوثه كما قالت المعتزلة.
وهم لا يقولون بحدوث النفسي.
بل ينكرون وجوده، ولو ثبت عندهم لقالوا بقدمه مثل ما قلنا. فصار محل البحث، هو أن النفسي ثابت أم لا؟ " (?).9 - وقالوا بدون حياءٍ جهاراً دون إسرارٍ: "إن الكلام يطلق على الكلام النفسي فمعنى كونه كلام الله أنه صفته، ويطلق على اللفظي الحادث المؤلف من السور والآيات ومعنى إضافته إلى الله: أنه مخلوق لله ليس من تأليفات المخلوقين" (?).
وقال الفريهاري: في توجيه إضافة القرآن إلى الله تعالى ومعنى كونه كلام الله، مفسراً لكلام التفتازاني."أراد - (يعني التفتازاني) - أنه - (أي القرآن) - مخلوقٌ لله تعالى، بلا توسط كاسب من المخلوقين إما بإيجاد الصوت حتى يسمعه الملك أو الرسول، وإما بإيجاد النقوش في اللوح، وإما بخلق إدراك الحروف في قلب الملك أو الرسول وإما بخلق الحروف في لسانه بلا اختياره" (?).
بل صرح أبو المعين النسفي (508هـ) بأن الله تعالى خلق صوتاً وحروفاً فأسمع جبريل كلامه بذلك الصوت والحروف فحفظه جبرائيل ونقله إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وكلام الله قديم لا بحرف ولا صوت (?).