لقد سبق أن ذكرنا أن الدافع للماتريدية وغيرهم من فرق المعطلة على تعطيل صفات الله تعالى ومنها صفة "الكلام".
وهو أنهم فهموا منا ما يُفْهَمُ من صفات الخلق.
1 - فظنوا أن الكلام لا يكن إلا بآلة وجارحة من لسان وشفتين وفم والأسنان والحلق، وهذه الشبهة هي بعينها التي عرضت للجهم إمام الجهمية، بشهادة الإمام أحمد.
2 - وتبعهم في ذلك الماتريدية، فقالوا: لو ثبت لله تعالى الكلام اللفظي لزم كون الله محلاً للحوادث والأعراض. ولا يخلو أن يكون المسموع عرضاً (?).وهذه الحروف مخلوقة لأنها أصوات وهي أعراض لا دوام لها وهي قائمة بمحالها التي هي اللسان واللهوات والحلق (?).3 - الحلق هذا الوهم الفاسد عطلوا صفة "الكلام" وحرفوا نصوصها بأن المراد من الكلام "الكلام النفسي" لا "الكلام اللفظي" (?).
4 - وتعريف الكلام النفسي عندهم:"ما هو قائم بالله بشيء واحد ليس له بعض ولا عدد ولا له نهاية ولا بداءة" (?).وهو المعنى القائم بذات المتكلم، وهو المعنى الذي يدبره المتكلم في نفسه ويعبر عنه بهذه الألفاظ المتركبة عن الحروف ... وهذه العبارات ليست بكلام وإجراؤها على اللسان ليس بتكلم، بل هي عبارات عن الكلام والكلام ... هو المعنى القائم بالنفس غير أن هذه العبارات تسمى كلاماً لدلالتها على الكلام ... (?).
"إن الله تعالى متكلم بكلام واحد وهو صفة له أزلية ليست من جنس الحروف والأصوات، وهي صفة منافية للسكوت والآفة.
والله متكلم بها آمر، ناه مخبر، وهذه العبارات دالة عليها. وتسمى العبارات كلام الله تعالى على معنى أنها عبارات عن كلامه الأزلي القائم بذاته وهو المعنى بقولنا القرآن كلام الله تعالى غير مخلوق (?) وقالوا: إن الله لم يتكلم بكلمة "كن" بل المراد سرعة التكوين.
وقالوا: "صانع العالم متكلم بكلام واحد أزلي قائم بذاته ليس من جنس الحروف والأصوات غير متجزئ مناف للسكوت والآفة والخرس.
وهو به آمرناه مخبرٌ ... ، وهذه العبارات مخلوقة لأنها أصوات وهي أعراض، وسميت كلام الله لدلالتها عليه.