بيان موقف الماتريدية من هذه الصفة:
من صفات الله تعالى الثابتة له سبحانه بالكتاب والسنة الصحيحة صفة "اليدين" ومذهبُ الماتريدية فيها تبعاً للجهمية الأولى مذهبٌ تعطيلٍ وتحريفٍ.
بشبهة "التشبيه" حيث إنهم فهموا من هذه الصفة ما يفهم من صفات المخلوق فزعموا أن "الوجه" و"العين" و"اليدين" و"اليمين" و"الأصابع" والساق و"القدم" ونحوها أعضاء وجوارح.
فلو قلنا بإثبات ذلك يلزم كونه تعالى متبعضاً متجزياً مركباً، وغير ذلك من اللوازم الباطلة.
وبناء على هذا الفهم عطلوا هذه الصفة وحرفوا نصوصها إلى أنواع من المعاني المجازية بشتى طرق التأويل.
فأما صفة "اليدين"فقد قال الإمام أبو منصور الماتريدي في تأويل "اليدين" في تفسير قوله تعالى: بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ [المائدة: 4] "نعمه مبسوطة" (?).
ومن أشنع تحريفاتهم قوله تعالى: لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ [ص: 75].
قولهم: "أي خلقته بالذات من غير توسط أب وأم. والتثنية - (تثنية اليد بذكر اليدين) - لإبراز كمال الاعتناء بخلقه عليه الصلاة والسلام" (?).وقالوا: المراد من "اليدين" غاية الجود والسخاء (?).أو المراد: منحه تعالى لنعمتي الدنيا والآخرة (?).أو كمال القدرة (?).
وأما صفة "اليد":فقالوا: المراد من "اليد" النعمة والقدرة (?).أو الملك (?).أو التصرف (?).
وأما صفة "اليمين":فحرفوها إلى "القدرة التامة" (?).أو "عظمة الله تعالى" (?).
وأما صفة "الكف":فيحرفونها إلى "التدبير" (?).
وأما صفة الأصابع: فيحرفونها إلى "القدرة" (?).
وأما صفة "القبضة":فيزعمون أن هذا "مجرد تصوير عظمة الله والتوقف على كنه جلاله لا غير من غير ذهاب بالقبضة ولا باليمين إلى جهة حقيقيةٍ أو جهةِ مجاز" (?).أو أن هذا تمثيل وتخيل لتخريب العالم من غير اعتبار القبضة، واليمين لا حقيقةً ولا مجازاً" (?).
هذا هو بيانٌ إجماليٌ لمذهب الماتريدية في هذه الصفات ونصوصها والذي يهمنا هو مناقشتنا إياهم في تعطيلهم لصفة "اليدين" وتحريفهم لنصوصها وبإبطال مذهبهم فيها يظهر بطلان مذهبهم في تلك الصفات الأخرى.
فنقول وبالله التوفيق:
مناقشتنا للماتريدية من طريقين: إجمالية، وتفصيلية.
أما المناقشة الإجمالية:
فأولاً: نقول: لقد سبق أن أبطلنا شبهة "التشبيه" في فصل مستقل.