ويكون هذا المعنى "للتأويل" هو المراد في هذه الآية على هذا التقدير، فيكون الراسخون في العلم يعلمون معاني تلك النصوص ويعرفون المراد منها، فبطل تشبث المدعين للتفويض بهذه الآية كما بطل زعمهم أن نصوص الصفات من المتشابه الذي لا يعلم معناه إلا الله.

لأن الآية الكريمة - على هذا التقدير - تدل على خلاف مطلوبهم.

قال شيخ الإسلام:

"قال مجاهد: "عرضت المصحف على ابن عباس من أوله إلى آخره مرات، أقف عند كل آية، وأسأله عنها".

فهذا ابن عباس - حبر الأمة - وهو أحد من كان يقول، "لا يعلم تأويله إلا الله - يجيب مجاهداً عن كل آية من القرآن.

وهذا هو الذي حمل مجاهداً، ومن وافقه كابن قتيبه على أن جعلوا الوقف عند قوله: وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ [آل عمران:7].

فجعلوا الراسخين في العلم يعلمون التأويل. لأن مجاهداً تعلم من ابن عباس تفسير القرآن كله، ومجاهد إمام التفسير، قال الثوري: "إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك ... " (?).

ثم ذكر شيخ الإسلام معاني التأويل فقال:

"وأما التأويل في لفظ السلف فله معنيان: أحدهما تفسير الكلام، وبيان معناه ... ، فيكون التأويل والتفسير عند هؤلاء متقاربين أو مترادفين، وهذا - والله أعلم - هو الذي عناه مجاهد: أن العلماء يعلمون تأويله ... " (?).

وقال أيضاً في بيان كون "التأويل" بمعنى "التفسير":

"وهذا هو معنى التأويل في اصطلاح جمهور المفسرين وغيرهم.

وهذا التأويل يعلمه الراسخون في العلم.

وهو موافق لوقف من وقف من السلف على قوله: وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ [آل عمران:7] كما نقل ذلك عن ابن عباس، ومجاهد، ومحمد بن جعفر بن الزبير ومحمد ابن إسحاق، وابن قتيبة، وغيرهم ... " (?).

الحاصل: أنه لو سلمنا أن نصوص الصفات من المتشابهات وأنها تندرج تحت آية آل عمران. فلا نسلم أن معناها غير معلوم لما مر في توجيه لهذه الآية، وفي كتب أئمة السنة والتفسير نصوص كثيرة عن الصحابة والتابعين على أن الراسخين كانوا يعلمون معاني تلك المتشابهات (?).

وثانيهما: الحقيقة التي يؤول إليها الكلام.

الجواب السابع:

أن نقول: لو سلمنا أن نصوص الصفات من المتشابهات التي لا يَعلمُ تأويلها إلا الله، بناءً على أن يكون الوقف على لفظ الجلالة في قوله تعالى: وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ الله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015