ومما يدل على أن الخارجين على عثمان رضي الله عنه كان سبب خروجهم طلب الرئاسة والملك، أنه لما بويع علي بن أبي طالب رضي الله عنه، واستقر له الأمر بعد وقعة الجمل، استعمل رضي الله عنه عبد الله بن عباس على البصرة وبلغ ذلك مالكا الأشتر (?) - وهو من الخارجين على عثمان – فغضب وقال: " علام قتلنا الشيخ (?)؟ إذ اليمن لعبيد الله، والحجاز لقثم (?)، والبصرة لعبد الله، والكوفة لعلي " (?)؟! بل إنهم صرحوا بأن خروجهم وشغبهم على عثمان كان طلبا للرئاسة، فقد كان هؤلاء النفر (?) أثاروا الشغب والفتنة في الكوفة، فسيرهم عثمان رضي الله عنه إلى معاوية في الشام، فذكرهم معاوية بالله وبالتقوى لفساد الحال وهتك حرمة الأمة (?)، وبين لهم معاوية كيف أن ولاة الأمر للمسلمين جنة فقال: " أن أئمتكم لكم إلى اليوم جنة (?)، فلا تسدوا عن جنتكم ... ".فقال صعصعة بن صوحان (?): أما ما ذكرت من الجنة، فإن الجنة إذا اخترقت خلص إلينا (?). أي إذا قتلنا ولاتنا صارت الولاية إلينا (?).ولقد كتب معاوية إلى عثمان رضي الله عنه يصفهم فقال: إنه قدم علي أقوام ليست لهم عقول ولا أديان. أثقلهم الإسلام وأضجرهم العدل، ولا يريدون الله بشيء، ولا يتكلمون بحجة، إنما همهم الفتة، وأموال أهل الذمة، والله مبتليهم ومختبرهم، ثم فاضحهم ومخزيهم ... " (?).إن إثارة الشغب والفتنة في الأمة، وظهور الخلافات السياسية بين ولاة أمر المسلمين من شأنه أن يضعف الدولة الإسلامية، ويشجع على ظهور الفرق المبتدعة، فسرعان ما تطل الفتنة برأسها، وترفع البدعة لوائها لتفرق الجماعة المسلمة، ففي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في وصف الخوارج: ((يخرجون على حين فرقة من الناس)) (?).ولقد عاب الصحابة رضي الله عنهم التنازع على السلطة والتقاتل على الملك، فعن سعيد بن جبير (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015