فمن ادعى لنفسه هذه الأمور وهي لازمة لمن قال إني مؤمن لأن اسم الإيمان يشملها فمن ادعى ذلك يكون كافراً كفراً عملياً غير مخرج من الملة، ككفر من ناح على الميت، أو طعن في الأنساب فهو كفر دون وهذا أمر معلوم متقرر عند أهل السنة والجماعة وله نظائر كثيرة يطلق فيها الكفر ويراد الكفر العملي.
والمقصود: أن أثر عمر الخطاب – رضي الله عنه – يحمل على هذا إن صح إذ في صحته نظر. ولهذا أيضاً قال ابن مسعود لمن قال: إني مؤمن: (قل: إني في الجنة) (?)؛ لأن من أتى بالإيمان الكامل في الدنيا كان من أهل الجنة يوم القيامة بلا حساب ولا عذاب ولا يقطع أحد لنفسه بذلك بل يرجو ويخاف. فالمراد إذا بالمؤمن في أثر ابن مسعود أي: المؤمن المطلق الموعود بالجنة بلا نار إذا مات على إيمانه ومن شهد لنفسه بذلك فقد زكاها بأعظم تزكية.
قال شيخ الإسلام بعد أن أشار إلى هذا المعنى: "ولهذا كان ابن مسعود وغيره من السلف يلزمون من شهد لنفسه بالإيمان أن يشهد لها بالجنة يعنون إذا مات على ذلك فإنه قد عرف أن الجنة لا يدخلها إلا من مات مؤمناً. فإذا قال الإنسان: أنا مؤمن قطعاً وأنا مؤمن عند الله قيل له: فاقطع بأنك تدخل الجنة بلا عذاب إذا مت على هذا الحال فإن الله أخبر أن المؤمنين في الجنة ... " (?).