وقال أيضاً: "قال أبو محمد: غلاة المرجئة طائفتان:

إحداهما: الطائفة القائلة بأن "الإيمان قول باللسان، وإن اعتقد الكفر بقلبه فهو مؤمن عند الله عز وجل"، ولي له عز وجل من أهل الجنة، وهذا قول محمد ابن كرام السجستاني وأصحابه وهو بخراسان وبيت المقدس.

والثانية: بـ "أن الطائفة القائلة أن الإيمان عقد بالقلب، وإن أعلن الكفر بلسانه بلا تقية، وعبد الأوثان، أو لزم اليهودية أو النصرانية في دار الإسلام، وعبد الصليب، وأعلن التثليث في دار الإسلام، ومات على ذلك، فهو مؤمن كامل الإيمان عند الله عز وجل"، ولي لله عز وجل من أهل الجنة، وهذا قول أبي محرز جهم بن صفوان السمرقندي، مول بن راسب كاتب الحارث بن سريج التميمي، أيام قيامه على نصر بن سيار بخراسان، وقول أبي الحسن علي بن إسماعيل بن أبي اليسر الأشعري البصري وأصحابهما. فأما الجهمية فبخراسان، وأما الأشعرية فكانوا ببغداد والبصرة، ثم قامت له سوق بصقلية والقيروان والأندلس، ثم رق أمرهم والحمد لله رب العالمين" (?) اهـ.

وقد تعقب في كتابه (الفصل في الملل والأهواء والنحل) كثيراً من أقوال الأشاعرة

في أبواب الاعتقاد، وبين مخالفتهم للسنة، وخروجهم عنها.

الإمام العلامة حافظ المغرب أبو عمر يوسف بن عبدالله بن عبدالبر الأندلسي القرطبي المالكي "463هـ":قال: "أجمع أهل الفقه والآثار من جميع الأمصار أن أهل الكلام بدع وزيغ ولا يعدون عند الجميع في طبقات الفقهاء، وإنما العلماء أهل الأثر والتفقه فيه ويتفاضلون فيه بالإتقان والميز والفهم" اهـ (?).

ولا ريب أن الكلابية والأشعرية من أهل الكلام. ومما يؤكد كون ابن عبدالبر يرى دخول الأشاعرة والكلابية في المقصودين بأهل الكلام هنا أنه ساق بعده كلام ابن خويز منداد المالكي في عد الأشاعرة من أهل البدع الذين لا تقبل شهادتهم عند الإمام مالك، مقر له.

شيخ الإسلام الحافظ أبو إسماعيل عبدالله بن محمد الأنصاري الهروي "481هـ":قال شيخ الإسلام ابن تيمية: " .... كأبي إسماعيل الأنصاري الهروي صاحب كتاب " (ذم الكلام) فإنه من المبالغين في ذم الجهمية لنفيهم الصفات، وله كتاب (تكفير الجهمية)، ويبالغ في ذم الأشعرية مع أنهم من أقرب هذه الطوائف إلى السنة والحديث، وربما كان يعلنهم، وقد قال له بعض الناس بحضرة نظام الملك: أتلعن الأشعرية؟ فقال: ألعن من يقول لي في السماوات إله، ولا في المصحف قرآن، ولا في القبر نبي، وقام من عنده مغضباً" (?) اهـ.

قلت: وقد نقل أبو إسماعيل الأنصاري الهروي في كتابه " (ذم الكلام وأهله) آثاراً كثيرة في ذم الكلابية والأشعرية، وفي بعضها غلو وشدة.

القاضي أبو الحسين محمد بن الحسين الفراء ابن القاضي أبي يعلى "526هـ":قال الذهبي: "وقال السلفي: كان أبو الحسين متعصباً في مذهبه، وكان كثيراً ما يتكلم في الأشاعرة ويسمعهم، لا تأخذه في الله لومه لائم" (?) اهـ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015