وقال أبو الحارث أحمد بن محمد: "سمعت أبا عبدالله يقول: من أحب الكلام لم يخرج من قلبه. قال: وسمعته وسئل عن قول الحسين الكرابيسي. فقيل له: إنه يقول: لفظي بالقرآن مخلوق. فقال: هذا قول جهم، قال الله عز وجل: وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللهِ [التوبة: 6]، فممن يسمع كلام الله؟ أهلكهم الله" (?) اهـ. وقال إبراهيم بن سعيد الجوهري للإمام أحمد: "يا أبا عبدالله، إن الكرابيسي وابن الثلجي قد تكلما. فقال أحمد: فيم؟ قلت: في اللفظ. فقال أحمد: اللفظ بالقرآن غير مخلوق، ومن قال: لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهمي" (?) اهـ. وقال حنبل: "سمعت أبي يسأل أبا عبدالله عن كلام الكرابيسي وما أحدث؟ فقال أبو عبدالله لأبي: هذا كلام الجهمية، صاحب هذه المقالة يدعو إلى كلام جهم، إذا قال: إن لفظه بالقرآن مخلوق، فأي شيء بقى؟ " (?) اهـ. وقال ابن أبي يعلى: أنبأنا أبو الحسين بن المهتدي بالله عن أبي الحسين بن أخي ميمي قال: أخبرنا علي بن محمد الموصلي حدثنا موسى بن محمد الغساني حدثنا شاهين بن السميذع قال: سمعت أبا عبدالله بن حنبل يقوله: "الحسين الكرابيسي عندنا كافر" (?) اهـ. وقال أبو جعفر محمد بن الحسن بن هارون بن بدينا: "سألت أبا عبدالله أحمد بن حنبل رضي الله عنه فقلت له: يا أبا عبدالله، أنا رجل من أهل الموصل والغالب على أهل بلدنا الجهمية، ومنهم أهل سنة، نفر يسير يحبونك، وقد وقعت مسألة الكرابيسي ففتنهم قول الكرابيسي: "لفظي بالقرآن، مخلوق". فقال لي أبو عبدالله: إياك، وإياك وهذا الكرابيسي، لا تكلمه ولا تكلم من يكلمه – أربع مرار أو خمساً -، فقلت: يا أبا عبدالله، فهذا القول عندك، وما شاعت منه، يرجع إلى قول جهم؟ قال: هذا كله من قول جهم" (?) اهـ. وقال عبدالله: "قلت لأبي: إن الكرابيسي يقول: لفظي بالقرآن مخلوق. فقال: هذا كلام سوء رديء، هذا كلام الجهمية، كذب الكرابيسي هتكه الله، الخبيث. وقال: قد خلف هذا بشر المريسي" (?) اهـ.
الحافظ أبو حاتم الرازي محمد بن إدريس بن المنذر الحنظلي "277هـ":
قال: "مذهبنا واختيارنا اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين ومن بعدهم بإحسان، وترك النظر في موضع بدعهم، والتمسك بمذهب أهل الأثر مثل أبي عبدالله أحمد بن حنبل، وإسحاق بن إبراهيم، وابي عبيدالقاسم بن سلام، والشافعي. ولزوم الكتاب والسنة، والذب عن الأئمة المتبعة لآثار السلف، واختيار ما اختاره أهل السنة من الأئمة في الأمصار مثل: مالك بن أنس في المدينة، والأوزاعي بالشام، والليث بن سعد بمصر، وسفيان الثوري، وحماد بن زياد بالعراق من الحوادث مما لا يوجد فيه رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين.