ثالثا: إن هذا الكتاب البابي (البيان) لو وقع في يد أي شخص من العقلاء وقرأ ما فيه لما تبادر إلى ذهنه إلا أنه مقالات كتبها شخص مصاب في عقله ولولا الحقد والهوى اللذان يحجبان الإنسان عن رؤية الحق لما وجد الباب إلا الإهانة والازدراء لذلك السخف والجهل الذي يجلل كتابه من كل وجه.

وإلا فكيف يدعي أنه كتاب سماوي أنزله الله سبحانه وتعالى عليه متحديا للبشرية أن يأتوا بمثل حرف من حروفه فمتى كان الحرف يؤدي معنى بمفرده في جميع لغات البشر ثم بصرف النظر عن هذه الأعجوبة كيف يتحدى الناس بكتاب لا تخلو عبارة من عباراته من خطأ أو ركة في الأسلوب والتي قد رأينا طرفا منها من قبل نحو (ولا في البحر إلا خمس حول) أي خمسة أحوال بلغة العرب ونحو (فليؤتين قرينه اثنتي ومئتين .. ) أي اثنتين ومائتين .. وترضيون .. ) إلى غير ذلك مما ورد سابقا فأية عبارات هذه وأي أسلوب هذا الذي لا يليق بصغار طلبة العلم بل لا يليق بعوام الناس في المجتمعات العربية بله أن ينسب إلى الله عز وجل ثم يتحدى الباب به البشر بل بحرف منه أنها حماقة وبلادة تلك التي ضربت بأذيالها على عقلية الباب وأتباعه حتى أصبحت المنقصة في عرف العقلاء محمدة عندهم والعي عند أرباب العقول والفصاحة بلاغة في ميزانهم ولا أظن العي والنقائص في ذلك الكتاب إلا إذا كان له الحقيقة ويهديه إلى صراط الحق وطريق النجاة. ولما سئل الباب عن ذلك الفساد في أسلوبه وعدم التزامه بقواعد العربية الفصحى قال: (إن الحروف والكلمات كانت قد عصت واقترفت خطيئة في الزمن الأول فعوقبت على خطيئتها بأن قيدت بسلاسل الإعراب وحيث إن بعثتنا جاءت رحمة للعالمين فأطلقت من قيدها تذهب إلى حيث تشاء من وجوه اللحن والغلط) (?).

هذه هي العقلية البابية التي تزعم أنها جاءت لإنقاذ البشر.

رابعا: إن تعاليم الباب تلك التي أراد أن يقدمها للناس وينسخ بها شريعة الإسلام لا يخفى فسادها وعدم صلاحيتها على القارئ الفطن.

وإلا فأي دين هذا الذي يقطع صلة العبد بربه طوال الأربع والعشرين ساعة لا يقف بين يديه إلا مرة واحدة ثم يصلي تسع عشرة ركعة في فترة واحدة ثم لا يصلون إلا فرادى بدلا من الجماعة التي كان المسلمون يجتمعون لها في ظل الأخوة والمحبة فتتقوى رابطتهم وتزداد محبتهم ثم أي قبلة هذه التي هي (مكان الباب نفسه) لماذا تستبدل الكعبة المشرفة ذات التاريخ الطويل الذي يربط الأمة الإسلامية ببعضها من زمن بعيد إلى اليوم حيث تمثل ثباتا مستمرا في التعظيم والتقديس ولا شك أن اختيار الله لها لتكون قبلة لهم من حكم الله العظيمة التي تعلم الأمة الإسلامية الواحدة الكبيرة زمانا ومكانا.

ثم هذا السارق لا يكلف إلا غرامة مالية يمكن أن يدفعها من نفس المسروق وهو تسعة عشر مثقالا من الذهب إن ذلك لا شك ليس كافيا لإيجاد الأمن في المجتمع.

ثم الذي يقطع شيئا من جسم أي إنسان يده رجله ليس عليه إلا أن يدفع خمسة وتسعين واحدا من الذهب وتحرم علي زوجته تسعة عشر يوما فقط وبعدها يعيش آمنا بدون قصاص.

وأخيرا يأتي ذكر الآداب يا لها من آداب لا تشربن لبن الحمير لا تركبوا الحيوان إلا بلجام لا تقربن البيضة قبل أن تطبخ!!

هذه نبذة من تعاليم الباب لولا ضرورة البحث لما ذكرت منها شيئا لسخافتها وفسادها لأنها من نتاج إنسان مصاب في عقله وفكره.

خامسا: لم يقدم لنا الباب الأدلة على دعوته تلك وكل دعوى مجردة من دليلها فهي بلا شك دعوى باطلة.

ونحن لم نر في تاريخ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أن أحدا منهم دعا قومه إلى الإيمان به ولم يقدم لهم الدليل الكافي لإقناعهم بصدق دعواه.

وإلا فإن لأي إنسان من الناس أن يدعي ما يريد ويضلل الناس بما يريد ولهذا فإن من رحمة الله عز وجل بالناس أن جعل للأنبياء السابقين براهين واضحة تؤكد صدقهم وتبينه وهو بذلك سبحانه يقيم الحجة للأنبياء ويقطع الطريق على الضالين فلا يستطيعون إضلال الناس إلا عندما تصاب عقولهم وأفكارهم بأمراض تفقدها قدرتها على التمييز ومعرفة الحق.

ولهذا فإن دعوة البابية دعوة مرفوضة أصلا لخلوها من أهم الأسس التي تقوم عليها الدعوات الصحيحة نعم قال إنه يتحدى البشر أن يأتوا بحرف واحد من بيانه المزعوم وأن هذه الدعوى لمن أكبر الأدلة على جنونه وإصابته بهبوط عقلي لا يدري معه ما يقوله للناس.

¤عقيدة ختم النبوة بالنبوة المحمدية لأحمد بن سعد الغامدي - ص 214 - 218

طور بواسطة نورين ميديا © 2015