ومن المؤسف حقًّا أن ترى كثيراً من المسلمين انخدعوا بزخرف أقوال البهائية فتعلقوا بهذا الرقم، ثم نظروا إلى بقية الأعداد بعين المتعمق المتفحص علّهم يصلون إلى اكتشاف آخر مثل اكتشاف البهائية للعدد 19. ولقد ألقى أحد دعاة البهائية محاضرات في الكويت (?) عن العدد تسعة عشر وعناية القرآن الكريم به؛ بل وقيام أجزاء القرآن وجمله من هذا العدد أو من مضاعفاته، وذهب يدلل على أن القرآن من الله وأنه معجزة بدليل عنايته وقيامه على هذا العدد 19، وهو العدد الذي اهتدى إليه الميرزا الشيرازي ثم البهاء ومن جاء بعدهما، وأن فيه دلالة قوية على نبوة وألوهية البهاء في القرن التاسع عشر حسب زعم البهائية.

فحينما ألقى داعية البهائية في الكويت الدكتور محمد رشاد خليفة محاضرته عن العدد تسعة عشر بثت إذاعة الكويت تلك المحاضرة، ونُشرت في أماكن كثيرة في بلدان المسلمين كالقاهرة وغيرها في شكل كتيبات توزع، وأشرطة تباع وتهدى.

ثم قام كثير من الكتاب بتأييد تلك الفكرة وترويجها. ولعل بعض هؤلاء الذين فرحوا باكتشاف العدد 19، وادَعوا أنه دليل على معجزة القرآن ما علموا بأنهم يخدمون بهذا العمل شياطين البهائية.

ولم يقف هوس البهائية في العدد 19 عند حد، فقد جرؤوا على الكذب على الله في القرآن الكريم؛ إذ فسروا فواتح السور المشتملة على الحروف المقطعة بحسب ما يمليه مخططهم؛ للدعاية لهذا الرقم الذي أحبوه كثيراً، وذهبوا يدللون على صدق البهائية، وزعموا أن آيات القرآن الكريم وكذلك التوراة دللت على ذلك.

ولقد كان للكمبيوتر مقام رفيع عندهم واهتمام بالغ، فهو الذي أعانهم- كما يدعون- على تخريفاتهم في دلالات الأعداد، ويستدلون بنتائج ما يخبرهم به على أنها حقائق لا تقبل الجدل مع أنها مملوءة بالتناقض والاضطراب والمغالطات المستورة حيناً والمكشوفة أحياناً. وعلى كل حال فإن قضية هذا العدد والخوض فيه من المسائل الطويلة والغير نافعة، وما أشرنا إليه هنا يغني في التنبيه على عمق خرافات البهائية وخداعهم للناس والخطر الذي يمكن أن يجره هؤلاء على العالم لو تحققت أهدافهم لا سمح الله (?).

ونكتفي بما تيسر ذكره من مبادئ البهائية وتعليماتهم، وفي الوقت الحاضر يمكن إغفال النظر عن مناقشتها والرد عليها كلها؛ لأن التعليق عليها لا يتطلب أكثر من أنها تعاليم وعقائد غير إسلامية وليس لهم عليها من دليل إلا مجرد التخرص وما تهواه أنفسهم زاعمين بعد ذلك أنها منزلة من عند الله عز وجل، ناسخة لجميع الشرائع.

يقولون هذا في الوقت الذي يتظاهرون فيه بأنهم على الإسلام، للتزلف إلى المسلمين ومخادعتهم عن دينهم. فإن العلماء يذكرون أن عبد البهاء الذي ورث النبوة بعد أبيه صلى الجمعة مع المسلمين قبل وفاته بيومين، مع أن الصلاة جماعة محرمة في شريعتهم إلا على الميت.

وهو يهدف بصلاته مع المسلمين ومع النصارى ومع اليهود ومع البراهمة التدليل على أن البهائية ذات ديانة شاملة تتسع لكل المذاهب والديانات والمختلفة، وسموا هذا التخبط والاضطراب والتناقض ديناً مقدساً شاملاً.

¤فرق معاصرة لغالب عواجي 2/ 713 - 715

طور بواسطة نورين ميديا © 2015