والمعاون في كف شرهم وهدايتهم بحسب الإمكان له, من الأجر والثواب مالا يعلمه إلا الله تعالى فإن المقصود بالقصد الأول هو هدايتهم) (?).هذا وقد كان ابن تيمية من السباقين لتطبيق القول بالعمل وما رواه ابن كثير في تاريخه يوضح لنا كيفية هذا التطبيق وبما تم من حوادث سنة 699هـ حيث يقول: (وفي يوم الجمعة العشرين من شوال ركب نائب السلطنة جمال الدين أقوش الأفرم في جيش دمشق إلى جبال الجرد وكسروان وخرج الشيخ تفي الدين ابن تيمية ومعه خلق كثير من المتطوعة والحوارنة لقتال أهل تلك الناحية بسبب فساد نيتهم وعقائدهم وكفرهم وضلالهم وما كانوا عاملوا به العساكر لما كسرهم التتار وهربوا حين اجتازوا ببلادهم وثبوا عليهم ونهبوهم وأخذوا أسلحتهم وخيولهم وقتلوا كثير منهم فلما وصلوا إلى بلادهم جاء رؤساؤهم إلى الشيخ تقي الدين بن تيمية فاستتابهم وبين للكثير منهم الصواب وحصل بذلك خير كثير وانتصار كبير على أولئك المفسدين والتزموا برد ما كانوا أخذوه من أموال الجيش وقرر عليهم أموالا كثيرة يحملونها إلى بيت المال وأقطعت أراضيهم وضياعهم ولم يكونوا قبل ذلك يدخلون في طاعة الجند ولا يلتزمون أحكام الملة ولا يدينون دين الحق ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله .... وفي سنة 704هـ عاد ابن تيمية رحمه الله إلى مقاتلة هؤلاء ومعه جماعة من أصحابه إلى جبل الجرد والكسروانيين ومعه نقيب الأشراف زين الدين بن عدنان فاستتابوا خلقا منهم وألزموهم بشرائع الإسلام ورجع مؤيدا ناصراً) (?).واضح بعد هذا أن هؤلاء القوم مرتدون عن الإسلام لتركهم عبادة الله تعالى وإنكارهم فرائض الإسلام وشرائعه ولكن لا بد من المطالبة بالعمل على نشر الإسلام بين صفوفهم وأن يحال بينهم وبين مشايخهم الذين لا يزالون يصرون على هذه السخافات والضلالات الخرافية المهينة للعقل الإنساني فتزول بذلك الغشاوة عن أعين الكثير منهم يعيشون في تخبط لا يجدون له نهاية وهذا الشيء هو ما يطالب به الشيخ محمد رشيد رضا في أحد فتاويه التي سئل عنها (?).
¤الحركات الباطنية في العالم الإسلامي لمحمد أحمد الخطيب – ص 315