- مساعدة الدروز للصليبيينبعد سقوط مدينة أنطاكية بيد الصليبيين في عام 490هـ وتمكن القائد الصليبي بوهيموند من جعل أنطاكية مملكة له أخذ في الاستعداد للزحف جنوبا قصد السيطرة على بيت المقدس والأماكن المقدسة في فلسطين فتحركت جموع الصليبيين صوب جنوب بلاد الشام مستولية على ما في طريقها من مدن وقرى في هذا الوقت كان التنوخيون يشكلون عماد دعوة الدروز الموحدين في جبل لبنان وتذكر المصادر أنه عندما توجه الصليبيون نحو الجنوب لم يلاقوا أي مقاومة من قبل الأمراء المحليين بل أن بعض هؤلاء الأمراء صالح الصليبيين وأعطاهم الأمان أما التنوخيون الدروز فكان موقفهم من الزحف الصليبي سلبيا للغاية فلم يعترضوا سبيل القوات الصليبية القادمة من أنطاكية والمتجهة إلى بيت المقدس ولم يسموها بسوء بل مرت بأمان من جوارهم. (?).لم يقف التنوخيون الدروز عند حد وقوفهم متفرجين على الزحف الصليبي بل تعدى الأمر لأبعد من ذلك حيث قام أحد زعمائهم بمصالحة الصليبيين والانسحاب من صيدا وتسليمها لهم ففي عام 495هـ ولى شمس الملوك دقاق ملك دمشق عضد الدولة علي التنوخي على مدينة صيدا وأمره بتحصين المدينتين (صيدا وبيروت) فحصنهما وأرسل إلى صيدا نائبا عنه هو الأمير مجد الدولة محمد بن عدي وظل في صيدا إلى أن سقطت بيد الفرنج عام 504هـ فخرج منها بعد أن صالح الفرنج عليها بالأمان (?).ظل الزعماء التنوخيون فيما بعد على هذه الشاكلة إما مصالحين للفرنج متفرجين عليهم أو يعقدون العلاقات الودية معهم وتقديم العون لهم ففي عام 528هـ انتقلت إمارة التنوخيين إلى الأمير بحتر بن شرف الدولة علي والذي استطاع أن يحافظ على منطقة الغرب والتهيئة لسقوطها في يد الصليبيين وذلك بسبب مهادنته لهم وعدم الوقوف في وجههم ومحاربتهم (?).وبعد وفاة الأمير بحتر انتقلت إقطاعاته وشؤون الإمارة إلى ابنه كرامة الملقب بـ (زهرة الدولة أبو العز كرامة) وفي هذا الوقت كانت حركة الجهاد الإسلامي ضد الصليبيين في أوجها على يد القائد المسلم نور الدين محمود الذي عمل على استقطاب الأمراء المحليين من حوله حتى يضمن تماسك الجبهة الإسلامية من الداخل وكان من ضمن هؤلاء الأمراء الأمير كرامة الذي سارع في الدخول في خدمة الدولة النورية مهملا الفرنج مما يدل على أن الأمير كرامة كان قبل ذلك محالفا للصليبيين داخلا في طاعتهم (?). لكن الأمير كرامة لم يطل به العمر فلم يلبث أن توفي فخلفه في الإمارة أولادة الأربعة الذين لم يجدوا حرجا في مهادنة الفرنج وبناء العلاقات الجيدة مع حكام بيروت الصليبيين (?).وفي أيام دولة المماليك وعندما كان الظاهر بيبرس يعمل على استعادة السواحل من الفرنج ازدادت شكوكه في علاقة الأمراء التنوخيين الدروز بالصليبيين فعلم باتصال الدروز بوالي طرابلس الصليبي فتوجس منهم خيفة فأصدر أمرا بالقبض على هؤلاء الأمراء ليأمن غدرهم ووضعهم في السجون وعندما توسط بعض الأمراء من المماليك لدى الظاهر بيبرس للإفراج عنهم كان جواب السلطان (هؤلاء لا إفراج عنهم ولا آذيهم حتى أفتح طرابلس وبيروت وصيدا) (?).