والذي أكره منكم على الكفر أو الفحشاء، وهو مؤمن موحد، أو عمل سوءا لجهالة، أو غم عليه فنسي، فلا يؤاخذ مولانا إلا الذين اقترفوا الإِثم وهم يعلمون، فأولئك لهم عذاب موقوت.

وقال الذين كفروا منكم، إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم وعليه وجدنا آبائنا، قل لو كنتم على الهدى لآمنتم به، ولكنكم لا تعلمون غير ما تهواه أنفسكم، وأنتم تجهلون، نحن أعلم بما في أيديكم ونحن المنزلون. لقد ضل هؤلاء الذين يريدون أن يحكموا بالقرآن، ويتخذوه سبيلا، ثم به يكفرون بعد أن تبين لهم الحق، قل أليس الحق أحق أن يتبع) (?).ومع أن الدروز لا يجيزون صوم شهر رمضان، لكونه من فرائض الإسلام، إلا أنهم يصومون في أيام خاصة، وهي التسعة أيام الأولى من شهر ذي الحجة، وصيامهم هو نفس الصيام الإسلامي من امتناع عن الأكل والشرب، (ويبيحون أيضًا الصوم في أي شهر غير شهر رمضان) (?). (وعيدهم الأكبر والوحيد هو عيد الأضحى) (?).وقد بنى الدروز المساجد في قراهم ومدنهم تسترا من المسلمين الذين كانوا يعيشون بين ظهرانيهم وتقربا منهم وتمويها عليهم، وذلك حتى يأمنوا منهم على أنفسهم وينفوا عنهم تهمة الردة وحدها، ولكنهم بدأوا يبتعدون عن هذه السرية، ويعلنون حقيقة أمرهم. (ولما قامت فتنة سنة 1860 م في لبنان، بدأت آخر دلالة شعائرية بالانقراض، ونعني بها شعائر الصلاة في المساجد الكثيرة التي كانت منتشرة في القرى الدرزية، ولجأ الدروز إلى الخلوات وتركوا المساجد نهائيًا) (?).حتى وصل بهم الأمر في الوقت الحاضر أن يمنعوا قيام المساجد للمسلمين الموجودين في قراهم، وقد حدثني أحدهم ممن كان يقيم في جبل الدروز بسورية، أن المسلمين المقيمين هناك حاولوا بناء مسجد في مدينة السويداء عاصمة جبل الدروز، وعندما حضروا في اليوم التالي وجدوا ما بنوه مهدومًا، ولم يقم هذا المسجد إلا بعد الاستعانة بقوة عسكرية لحمايته (?).ونظرة الدروز إلى العبادات تتوافق مع عقليتهم التي ترى في هذه الطقوس والشعائر أمرًا لا فائدة منه بل يعتبر عملاً مهجورًا كما صرح بذلك جنبلاط (?).فالدروز يعتبرون أنفسهم ملة الوحدة الأساسية بين الأشياء والكائنات والله (?)، ولذلك فقد سقطت عنهم العبادات بكل مظاهرها وشعائرها لأن الدرزي اتحد مع الوجود ومع الله – جل وعلا -.لهذا فالشخصية الدرزية لا تبالي بالحياة الخارجية تحفل بها، فالمظاهر هي المظاهر، والحقيقة يمكن أن يجدها أينما كانت وفي كل الديانات، حتى أن جنبلاط يرى أن الدرزي هو كل توحيدي، أي كل من يعتقد بوحدة أديان العالم كافة، وكائنًا ما كان طقوسها وشعائرها، فهم اسم ينصرف إلى مسيحيين وبوذيين ومسلمين وهندوكيين، أي كما يشبهه جنبلاط جماعة (وردة الصليب) (?).

ويورد جنبلاط مثالاً حيًا على عقلية الدروز هذه فيقول: أن الأميرين فخر الدين الأول والثاني وُلدا درزيين وعاشا مسيحيين وماتا مسلمين.

¤عقيدة الدروز عرض ونقد لمحمد أحمد الخطيب – ص 215

طور بواسطة نورين ميديا © 2015