وسرعان ما أصبحت لحمزة حظوة عند الحاكم، بعدما أظهره من إخلاص، واستطاع بحنكته ودهائه أن يجمع حوله بعض الدعاة ويتفقوا سرا للدعوة إلى تأليه الحاكم بأمر الله، ومن هؤلاء كان محمد بن إسماعيل الدرزي.

ويظهر أن حمزة بن علي، وكما يتضح في رسائله، قد اتفق مع دعاته ألا يجهر أحدهم أو يكشف عن مضمون المذهب الجديد، إلا بعد تلقي الأوامر منه نفسه، ولكن الدرزي تسرع في الكشف عن أسرار الدعوة الجديدة سنة 407 هـ، مما أثار الناس، وحمل حمزة على الكشف عن دعوته سنة 408 هـ.

يقول حمزة في (رسالة الغاية والنصيحة) موضحًا هذه النقطة: (وغطريس هو نشتكين الدرزي الذي تغطرس على الكشف بلا علم ولا يقين، وهو الضد الذي سمعتم بأنه يظهر من تحت ثوب الإِمام، ويدعي منزلته ... إلى أن يقول: وكذلك الدرزي كان من جملة المستجيبين حتى تغطرس وتجبر وخرج من تحت الثوب، والثوب هو الداعي، والسترة التي أمره بها إمامه حمزة بن علي بن أحمد الهادي إلى توحيد مولانا جل ذكره) (?).ومهما يكن من شيء فإن الدعاة إلى المذهب الجديد ظلوا في سترهم مدة طويلة يعملون في الخفاء، ويدعون الناس سرًا لمبادئهم وتعاليمهم، حتى قام الدرزي وأعلن الدعوة سنة 407 هـ، والذي كما يقال: (قد فتح سجلاً في مساجد القاهرة تكتب فيه أسماء المؤمنين بألوهية الحاكم، فاكتتب من أهل القاهرة سبعة عشر ألفا كلهم يخشون بطش الحاكم) (?).

ويبدو أن هذا الأمر قد أحرج حمزة، مما حمله على الجهر بدعوته الجديدة – كما سبق ذكره – سنة 408 هـ، فثار الناس على هؤلاء الدعاة ثورة شديدة ساعدهم فيها الجند الأتراك، مما جعل الدرزي – على أرجح الروايات – يختفي في قصر الحاكم، حيث عمل على تهريبه بعد ذلك إلى وادي التيم في بلاد الشام، والذي كان يقطن به التنوخيون، والذين كانوا يدينون بالولاء للعبيديين، حيث عمل هناك على بث آرائه ومعتقداته بينهم، فانضموا إليه وآمنوا بدعوته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015