"لابد للرجل في هذا الزمان أن يقلد أحداً من الأئمة الأربعة رضي الله تعالى عنهم بل يجب، فإنا جربنا كثيراً ممن ترك تقليد الأئمة واتبع رأي نفسه وهواها فسقط في حفرة الإلحاد والزندقة، أعاذنا الله منه، ولأجل ذلك نحن ومشائخنا مقلدون في الأصول والفروع لإمام المسلمين أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه، أماتنا الله عليه وحشرنا في زمرته، ولمشايخنا في ذلك تصانيف عديدة شاعت واشتهرت في الآفاق".
وقال الشيخ حسن أحمد المدني وهو يذكر الفرق الشاسع بين أكابر ومشايخ ديوبند وبين أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب:
"إن الوهابية يرون تقليد إمام معين شركاً في الرسالة. ويذكرون الأئمة الأربعة ومقلديهم بكلمات واهية خبيثة، ومن أجل ذلك يخالفون أهل السنة والجماعة، وغير المقلدين بالهند أتباع لهذه الطائفة الشنيعة وإن وهابية نجد العرب مع ادعائهم أنهم حنابلة، إلا أنهم لا يعملون بمذهب الإمام أحمد بن حنبل - رحمة الله عليه- في جميع المسائل، بل يتركون الفقه الحنبلي إذا عارضه حديث على فهمهم، وهم أيضاً متعودون على استخدام الكلمات البذيئة والسيئة في أكابر الأمة، مثل إخوانهم غير المقلدين، وأما أكابرنا فهم مخالفون لهذه الطائفة في جميع هذه الأمور، فهم مقلدون للإمام الأعظم أبي حنيفة رحمة الله عليه، في الأصول والفروع، ويرون وجوب تقليد إمام من الأئمة الأربعة كما فصّل في ذلك الشيخ النانوتوي في كتابه (لطائف قاسمية) والشيخ الكنكوهي في (سبيل الرشاد)، بل أن الشيخ الكنكوهي ألف رسالة مستقلة في وجوب التقليد الشخصي، حيث أنه قد ألف عدة رسائل في الرد على الوهابية ... ".
وقال الشيخ محمود الحسن الديوبندي الملقب بشيخ الهند (1339هـ) وهو يوجب تقليد الإمام أبي حنيفة، حتى ولو كان رأيه مخالفاً للحق الصريح، حيث قال:
"فالحاصل: أن مسألة الخيار من مهمات المسائل، وخالف أبو حنيفة فيه الجمهور وكثيراً من الناس المتقدمين والمتأخرين، وصنفوا رسائل في ترديد مذهبه في هذه المسألة، ورجّح مولانا الشاه ولي الله المحدث الدهلوي قدس سره في رسالته مذهب الشافعي من جهة الأحاديث والنصوص، وكذلك قال شيخنا مدّ ظله بترجيح مذهبه، وقال: الحق والإنصاف أن الترجيح للشافعي في هذه المسألة. ونحن مقلدون يجب علينا تقليد إمامنا أبي حنيفة".
¤الديوبندية لأبي أسامة سيد طالب الرحمن- ص 261 - 263