"إن التوسل لغة وشرعاً هو التوسل بذات الولي وشخصه في حضوره وغيبته وبعد موته، وبذلك جرت الأمة طبقة فطبقة، رغم كل مفترّ أفّاك".

ويوضح معتقد هذه الطائفة في هذه المسألة أيضاً ما قاله الشيخ أنور شاه الكشميري في شرحه لأثر "وإنا نتوسل إليك بعم نبينا" ونصه:"قوله: (وإنا نتوسل إليك بعم نبينا، فاسقنا فيسقون) (?). قلت: وهذا توسل فعلي، لأنه كان يقول له بعد ذلك: قم يا عباس فاستسق، فكان يستسقي لهم، فلم يثبت منه التوسل القولي، أي الاستسقاء بأسماء الصالحين فقط، بدون شركتهم. أقول: وعند الترمذي ((أن النبي صلى الله عليه وسلم علم أعرابياً هذه الكلمات، وكان أعمى، اللهم إني أتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة ... ، إلى قوله: اللهم فشفعه في)) (?)، فثبت منه التوسل القولي أيضاً، وحينئذ إنكار الحافظ ابن تيمية تطاول.

وهذه المسألة هي التي أشار إليها الشيخ حسين أحمد المدني في كتاب (الشهاب الثاقب) بقوله:

"إن أكابرنا يتوسلون دائماً بالأنبياء الكرام والأولياء العظام، ويأمرون أتباعهم بذلك، والذي يحرّمه الوهابية كالشرك، وقد كتب الشيخ النانوتوي - رحمة الله عليه- قصيدة طويلة في توسل مشايخ السلسلة الجشتية الصابرية، وهي مطبوعة ضمن كتاب (إمداد السلوك) وغيره من الرسائل الأخرى".

ثم ذكر الشيخ المدني أبياتاً من هذه القصيدة، وقال:

"هل الوهابية يرون استعمال هذه الكلمات؟ ويتبين للذي يتمعن في هذه القصيدة أن هؤلاء الأكابر يخالفون ويعارضون عقائد الوهابية أشد المعارضة، فالوهابية لا يجوز عندهم التوسل بالأنبياء فضلاً عن الأولياء، ومن ثم فإن استعمال كلمة "بحق فلان" أكره عندهم من ذلك، بل لا يجوز عندهم مثل هذا المدح والثناء".

وقال أيضاً:

"وقد طبعت الوهابية عدة رسائل في هذا الموضوع، صرحوا فيها بمنع التوسل بالرسول عليه السلام وبالأولياء الكرام، ومن أراد أن يتأكد من ذلك فله أن يتأكد".

كما سئل الشيخ السهارنفوري:

"هل للداعي في المسجد النبوي أن يجعل وجهه إلى القبر المنيف ويسأل من المولى الجليل متوسلاً بنبيه الفخيم النبيل"؟.

فأجاب عليه بقوله:

"المختار أن يستقبل وقت الزيارة مما يلي وجهه الشريف صلى الله عليه وسلم، وهو المأخوذ به عندنا وعليه عملنا وعمل مشائخنا، وهكذا الحكم في الدعاء، كما روى عن مالك رحمه الله تعالى لما سأله بعض الخلفاء، وقد صرح به مولانا الكنكوهي في رسالته زبدة المناسك، وأما مسائلة التوسل فقد مرت في نمرة نمبر 3، 4".

ويقول الشيخ شبير أحمد العثماني في تفسيره لقوله تعالى: وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ [النور:14] الآية، ما معناه:

"أي إن الله تعالى نجّى هذه الأمة من عذاب الدنيا بطفيل الرسول عليه الصلاة والسلام، وإلا لكان هذا الأمر يستحق العذاب".

ويقول في تفسيره لقوله تعالى: قُل لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَآئِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَّأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنفَاقِ وَكَانَ الإنسَانُ قَتُورًا [الإسراء:100] الآية، ما يلي:

" ... إن الخزائن الحاصلة بطفيل محمد صلى الله عليه وسلم لأتباعه لتحصل لهم وليجود بها الرسول وأتباعه على البشر، ولا يبخلون بها".

¤الديوبندية لأبي أسامة سيد طالب الرحمن- ص 223 - 228

طور بواسطة نورين ميديا © 2015