((إني لأجد نفس الرحمن من قبل اليمن)) هذا الحديث أخرجه الإمام أحمد وإسناده صحيح (?) ((والنفس)) الفرج من الكرب (?) وهو اسم مصدر من نَفَّس يُنَفِّس كفرج يفرج تفريجاً وفرجاً، فكأنه قال: أجد تنفيس ربكم من قبل اليمن وبهذا يتضح هذا المعنى ويندفع قول من رأى أن ظاهر هذا النص يوهم التمثيل. ويزيده وضوحاً تخصيصه صلى الله عليه وسلم هذا النفس باليمن – ومعلوم قطعاً أنه ليس لليمن اختصاص بصفات الله تعالى (?). وللناس قولان في المراد باليمن: فالأول: قيل: إنهم الأنصار: فقد قال ابن قتيبة: "معنى هذا أنه قال: كنت في شدة وكرب وغم من أهل مكة، ففرج الله عني بالأنصار، يعني أنه يجد الفرج من الأنصار – وهم من اليمن – فالريح من فرج الله وروحه كما كان الأنصار من فرج الله تعالى" (?) اهـ. والقول الثاني: وهو الأصح أنهم أهل اليمن المعروفون، لأن الله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [المائدة: 54]، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم لما سئل عنهم فقال ((هم قومك يا أبا موسى)) (?) , أو: ((هم قوم هذا يعني أبا موسى الأشعري)) (?) , – وفي رواية قال: ((هم أهل اليمن)) (?) , – وهذا القول قول مجاهد ومحمد بن كعب القرظي واختاره ابن جرير الطبري فقال: "وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب، ما روي به الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم أهل اليمن قوم أبي موسى الأشعري ... فجاء (الله) بهم على عهد عمر، فكان موقعهم من الإسلام وأهله أحسن موقع، وكانوا أعوان أهل الإسلام وأنفع لهم ممن كان ارتد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من طغام الأعراب وجفاة أهل البوادي الذي كانوا على الإسلام كلاً لا نفعاً" (?) اهـ وهذا القول هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية أيضاً (?).