هذا ومن غرائب القوم أنهم يسامرون بالأساطير التي يمجها العقل ويزدريها الفكر. ومنها "أن شخصين من أولياء الله كانا يسكنان على جانبي النهر، فمرة طبخ أحدهما المحلبية وأراد إرسالها إلى الثاني على الضفة الثانية، فقال لخادمه اذهب بها إلى صديقنا ذاك. فقال: وكيف أجتاز النهر وليس عندنا ما أجتاز به من سفينة وغيرها، فقال: اذهب إلى النهر وقل له: جئت من عند شخص لم يجامع امرأته قط فاستغرب الخادم وغرق في الحيرة لأن الشيخ كان له أولاد، فامتثل الأمر وذهب إلى النهر، وقال له ما قاله الشيخ فانفلق النهر ومر منه سالما فقدم على صاحب تلك الضفة المحلبية فأكل منها ودعا له بالخير وقال: سلم على سيدك، فقال له الخادم: أبلغ سلامك إليه عندما أصل هناك، وكيف الوصول إليه وبيني وبينه نهر، فقال: اذهب إلى النهر وقل له: جئت من عند شخص لم يطعم من ثلاثين سنة فازدادت حيرته لأنه شاهده وهو يأكل من المحلبية التي جاء بها إليه ولكنه لم يبلغ رسالته إلى النهر حتى انشق له الطريق فيه" (?).ومن غرائب ما يحكونها هي "أن رجلا من مريدي يحيى المنيري سقط في البحر وكاد أن يغرق فظهر الخضر عليه السلام وقال له، هات يدك في يدي أنقذك من الغرق، فانتبه المريد وقال: لا يا سيدي! إن هذه اليد في يد المنيري فلا أتركه وأذهب إلى غيره، فغاب الخضر عليه السلام وحضر المنيري وأخذ بيده ونجاه من الغرق" (?).ومنها أيضا "أن بشراً الحافي لم يكن يلبس النعلين ولذلك سمي بالحافي، وكان من عظمته واحترامه أن الحيوانات لم يكن يبولون في الطرق التي كان يمر فيها الحافي ولم تكن ترفث كي لا تتوسخ قدمه فيوما فعندما رأى شخص الرفث والبول في الطريق الذي كان يمر فيه الحافي فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، وسئل عن تفوهه بهذه الكلمات فقال: هذا دليل على أن الحافي قد مات ثم فتش وثبت أن ما قاله حق رضي الله تعالى عنه" (?).

وأن الأولياء لهم قدرة واختيار أن ينقذوا أهل النار من النار وينجوا المعذبين من العذاب، وبرهان ذلك:"إن السيد إسماعيل الحضرمي مر على المقابر وكان معه الإمام محب الدين الطبري، فقال له أتؤمن أن أهل القبور يكلمون الأحياء؟ قال: نعم أؤمن بذلك، فقال له: إن صاحب هذا القبر كان يقول لي: أنا من أهل الجنة، ثم وقف على قبور تجاوز عددهم من أربعين قبراً وبدأ يبكي حتى طلعت الشمس وأسفر النهار ثم ضحك وقال: أنت منهم، فسئل ما هذا وما الذي حدث؟ قال: إن أصحاب هذه القبور كانوا يعذبون فبدأت أبكي وأشفع لهم حتى قبلت شفاعتي ورفع عنهم العذاب، وكان قبر في ناحية لم ألتفت إليه، فسمعت أن قائلة تقول لم حرمتني من شفاعتك وأنا منهم، "يعني كنت معهم في العذاب وقبري بينهم" كنت مغنية فلانية فشفعت لهم ولم تشفعني؟ فضحكت من قولها وقلت: أنت منهم أيضا، ورفع عنها العذاب" (?).

وكتب البريلوي: أن شابا كان جالسا في مجلس ابن عربي فبكى فقال له ابن عربي ما يبكيك؟ قال رأيت في الكشف أن أمي تعذب وملائكة النار يجرونها إلى النار، فقال ابن عربي كان ثواب بعض الأوراد مدخراً عندي فقلت في نفسي إنني وهبت لها هذا الثواب، وبدأ الشاب يضحك، فقيل له: ما الذي حدث حتى انقطعت عن بكائك وبدأت تضحك؟ فقال: رأيت ملائكة العذاب تركوا أمي وأخذتها ملائكة الرحمة وذهبوا بها إلى الجنة بدل النار" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015