كان متشددا في المسائل الفقهية والكلامية، متوسعاً ومسارعاً في التكفير قد حمل لواء التكفير والتفريق في ديار الهند في العصر الأخير، وتولى كبره وأصبح زعيم هذه الطائفة تنتصر له وتنتسب إليه وتحتج بأقواله وكان لا يتسامح ولا يسمح بتأويل كفر من لا يوافقه على عقيدته وتحقيقه أو من يرى فيه انحرافا عن مسلكه ومسلك آبائه، شديد المعارضة، دائم التعقب لكل حركة إصلاحية.
انعقدت حفلة "مدرسة فيض عام" سنة 1311 في كانبور حضرها أكثر العلماء النابهين، وهي الحفلة التي تأسست فيها ندوة العلماء، ومن أكبر أغراضها توحيد كلمة المسلمين وإصلاح ذات البين بين علماء الطوائف وإصلاح التعليم الديني، وحضرها المفتي أحمد رضا المترجم وخرج منها وقد قرر محاربة هذه الجمعية فأصدر صحيفة سماها "التحفة الحنفية لمعارضة ندوة العلماء".
وألف نحو مائة رسالة وكتاب في الرد عليها، وأخذ فتاوى العلماء في أنحاء الهند وتوقيعاتهم في تكفير علماء الندوة في كتاب سماه (إلجام السنة لأهل الفتنة) وأخذ على ذلك توثيق علماء الحرمين ونشره في مجموعة (فتاوى الحرمين برجف ندوة المين) سنة 1317هـ.
ثم انصرف إلى تكفير علماء ديوبند كالإمام محمد قاسم نانوتوي والعلامة رشيد أحمد الكنكوهي والشيخ خليل أحمد السهارنفوري ومولانا أشرف علي التهانوي ومن والاهم، ونسب إليهم عقائد هم منها براء، ونص على كفرهم وأخذ على ذلك توثيقات علماء الحرمين الذين لا يعرفون الحقيقة ونشرها في مجموعة سماها "حسام الحرمين على منحر أهل الكفر والمين" قال فيها: من شك في كفرهم وعذابهم فقد كفر واشتغل بهذا الرد والنقص والمحاربة والمعارضة لا تأخذه في ذلك هوادة ولا يعتريه وهن حتى أصبح التكفير شغل الناس الشاغل وكانت مضاربات ومحاكمات وفتن ومشاغبات" (?).
ولم يكن هو وحيداً في أسلوبه وشأنه هذا. بل كل واحد من طائفته انتهج منهجه وسلك مسلكه وذهب مذهبه، فكفروا كل العالم وأخرجوا المسلمين من الإسلام متربعين على مساندهم وجالسين على عروشهم بعد ما أدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن تبعه الكفرة في الإسلام مع تحمل الشدائد والآلام والأذى وقطع العوائق التي تحول بينه وبين ذلك.
فكان هو ومتبعوه مدخلوا ملة الكفر في الإسلام وهؤلاء مخرجوا الملة الإسلامية من الإسلام، فكفروا أهل الحديث بدون جريمة ارتكبوها وبدون إثم اقترفوه اللهم إلا أنهم اختاروا موقفاً رأوه مطابقا للكتاب والسنة ودعوا المسلمين إلى نبذ الخلافات ورفع النزاعات بردها إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم حسب توجيه الله وإرشاده، َإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ [النساء: 59].
وقالوا إن الله لم يوجب على أمة محمد صلى الله عليه وسلم إلا طاعته وطاعة نبيه عليه الصلاة والسلام، وأما ما سواهما فلم يرد نص فيه لا في القرآن ولا في السنة اللهم إلا أن يوجد قول موافق لهذين الأصلين الأساسيين، وبهذا أمر الناطق بالوحي صلوات الله وسلامه عليه حيث قال: ((تركت فيكم أمرين كتاب الله وسنتي لن تضلوا ما تمسكتم بهما)) (?)، وأما ما ورد من الآخرين، من العلماء والمشايخ فينظر إن كان له أصل فيلتفت إليه وإلا يضرب به على الحائط.