ومما يستدل به الرفاعية على صحة نسب الرفاعي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قصة مد النبي صلى الله عليه وسلم يده إلى الرفاعي.
وتفصيلها: أن الله ناداه: قم يا أحمد وزر بيت الله الحرام وزر النبي صلى الله عليه وسلم، فقال الرفاعي لربه: سمعا وطاعة.
فسافر ومعه جم غفير إلى مكة ثم المدينة ووقف عند القبر وقال: السلام عليك يا جدي، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: وعليك السلام يا ولدي. فتواجد الرفاعي وقال:
في حالة البعد روحي كنت أرسلها ... تقبل الأرض عني وهي نائبتي
وهذه دولة الأشباح قد حضرت ... فامدد يمينك كي تحظى بها شفتي
فانشق التابوت ومد النبي يده إلى الرفاعي ليقبلها أمام جمع كبير من الناس يزيدون على التسعين ألفا وكان من بينهم عبد القادر الجيلاني وعدي بن مسافر وحيوة بن قيس الحراني. (?) واعتبروها حادثة متواترة يكفر منكرها (?) ويصير خارجا من ملة الإسلام كما صرح الصيادي بذلك قائلا: «فخروج يد النبي صلى الله عليه وسلم لسيدي أحمد بن الرفاعي ممكن ولا يشك فيه إلا ذو زيغ وضلالة، أو منافق طبع الله على قلبه، وإنكارها يؤدي إلى سوء الخاتمة». (?)
- التعقيب على هذه القصة:
إن مجرد تهديد منكر هذه القصة بكفره وسوء خاتمته إنما كان بسبب ضعف الدليل الذي يمكن أن يقدمه الرفاعية لإثباتها، وإلا فالقصة من أساسها لا تثبت والأدلة على عدم ثبوتها كالآتي:
(1) أن أصحاب كتب وتراجم الصوفية الأوائل كالسبكي والشعراني وابن الملقن والمناوي لم يتعرضوا لذكر هذه الحادثة مع أنهم كانوا أقرب إلى عصر الرفاعي من المتأخرين كالصيادي، وليس من المعقول أن يحرصوا على جمع كل ما روي عنه فيروون قصة الجرادة والبعوضة ويهملون هذه الحادثة التي اهتزت لها بقاع الأرض على حد تعبير الصيادي.
(2) أن المؤرخين - غير المتصوفة - كالذهبي وابن كثير وابن خلكان لم يتعرضوا لذكر هذه الحادثة إطلاقاً، ولو أنها وقعت حقيقة لتسابقوا إلى كتابتها. وقد ذكروا ما اشتهر به الرفاعيون من دخول النيران واللعب بالحيات وركوب السباع غير أنهم لم يتطرقوا إلى ذكر هذه الحادثة، الأمر الذي يبعث على الجزم بأن حبكها كان متأخرا عنهم. (3) أن رواة هذه الحادثة هم «الصوفية» الذين شهد الرفاعي نفسه بأنهم يكذبون على مشايخهم وأئمتهم، حيث قال: «واحذر الفرقة التي دأبها التفكه بحكايات الأكابر وما ينسب إليهم فإن أكثر ذلك مكذوب عليهم: وقال: «يا بني إذا نظرت في القوم الذين ادعوا التصوف وجدت أن أكثرهم من الزنادقة الحرورية والمبتدعة». (?)