ولم يكتف الصوفية بهذا بل ادعوا بأن مشايخهم لهم القدرة الكاملة على إجابة كل من استغاث بهم وأنهم يستطيعون تفريج كرب من دعاهم بل بالغوا فيهم حتى زعموا بأنهم باستطاعتهم أن يتحدوا الله في قضائه وقدره وإليك الدليل على ما أقول: فقد ذكر صاحب كتاب (مناقب الشيخ عبد القادر الجيلاني) راويا عن الرفاعي (توفي أحد خدام الغوث الأعظم وجاءت زوجته إلى الغوث فتضرعت والتجأت إليه وطلبت حياة زوجها فتوجه الغوث المراقبة فرأى في عالم الباطن أن ملك الموت عليه السلام يصعد إلى السماء ومعه الأرواح المقبوضة في ذلك اليوم فقال: يا ملك الموت قف وأعطني روح خادمي فلان وسماه باسمه فقال ملك الموت: إني أقبض الأرواح بأمر إلهي وأأديها إلى باب عظمته كيف يمكنني أن أعطيك روح الذي قبضته بأمر ربي؟؟ فكرر الغوث عليه إعطاءه روح خادمه إليه فامتنع من إعطائه وفي يده ظرف معنوي كهيئة الزنبيل فيه الأرواح المقبوضة في ذلك اليوم فبقوة المحبوبية جر الزنبيل وأخذه من يده فتفرقت الأرواح ورجعت إلى أبدانها فناجى ملك الموت عليه السلام ربه وقال يا ربي أنت أعلم بما جرى بيني وبين محبوبك ووليك عبد القادر فبقوة السلطنة والصولة أخذ مني ما قبضته من الأرواح في هذا اليوم فخاطبه الحق الله عز وجل جلاله: يا ملك الموت إن الغوث الأعظم محبوبي ومطلوبي لم لا أعطيته روح خادمه وقد راحت الأرواح الكثيرة من قبضتك بسبب روح واحد فتندم هذا الوقت) (?).
وذكر أحد الصوفية بأن الشيخ محمد صديق وقع في البحر ولم يكن يعرف السباحة فكاد أن يغرق فناداه – أي عبد القادر – مستغيثا به فحضر وأخذ بيده وأنقذه من الغرق. وحكى في نفس الصفحة أنه كان جالسا يوما مع أصحابه في رباطه إذ ابتلت يده الشريفة وكمه إلى إبطه فعجبوا من ذلك وسألوه عنه فقال رضي الله عنه: استغاث بي رجل من المريدين تاجرا كان راكبا في السفينة وقد كادت أن تغرق فخلصتها من الغرق فابتل لذلك كمي ويد فوصل هذا التاجر بعد مدة وحدث بهذا الأمر كما أخبر الشيخ رضي الله عنه) (?).
فلو نظرنا في النصوص المتقدمة نلاحظ بأن الصوفية يجيزون الالتجاء إلى المخلوق والاستغاثة به ويقولون بأن بإمكان الولي أن يعلم بكل ما في هذا الكون وهو جالس في مكانه وأن باستطاعته تغيير القدر الذي قدره الله في الأزل وأنه يسمع كل من ناداه واستغاث به ويفرج عنه كربه ولو عرضنا هذه الاعتقادات كلها على الكتاب والسنة سنجدها تصطدم تماما مع ما فيهما من الاعتقادات التي أمرنا الله سبحانه وتعالى أن نعتقدها.
ولنبدأ أولا بمناقشة موضوع الاستغاثة بغير الله والالتجاء إلى غيره بإيجاز شديد جدا.