(سألت الحسن عن علم الباطن فقال: سألت حذيفة بن اليمان عن علم الباطن فقال: سألت رسول الله عن علم الباطن فقال: سألت جبريل عن علم الباطن فقال: سألت الله عز وجل عن علم الباطن فقال هو سرّ من سرّي، أجعله في قلب عبدي، لا يقف عليه أحد من خلقي.

قال أبو الحسن بن أبي ذر قي كتابه (منهاج الدين) أنشدونا للشلبي:

علم التصوف لا نفاذ له علم سنيّ سماويّ ربوبيّفيه الفوائد للأرباب يعرفها أهل الجزالة والصنع الخصوصي (?).

وبالغوا في مدحه حتى قالوا:

(سئل بعض العلماء عن علم الباطن: أي شيء هو؟ فقال: سرّ من سرّ الله تعالى يقذفه في قلوب عباده لم يطلع عليه ملكا ولا بشرا (?).و (علم الباطن سر من أسرار الله (?).

وكذب الآخر (?) على رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث نسب هذا الكلام إليه صلوات الله وسلامه عليه فقال: ((علم الباطن سر من أسرار الله تعالى وحكمة من حكمته يقذفه في قلوب من يشاء من عباده)) ((?).

ولقد بين داود القيصري من هم أصحاب العلم الباطن، وما هي قيمتهم ومنزلتهم مقابل أصحاب الظاهر، شارحا مبيّنا الحديث الموضوع الذي ذكرنا فيما سبق، فيقول: (ولما كان للكتاب ظهر وبطن وحد ومطلع، كما قال عليه السلام: ((إن للقرآن ظهراً وبطناً وحداً ومطلعاً)) (?)، وقال عليه السلام: ((إن للقرآن بطناً ولبطنه بطناًً، إلى سبعة أبطن)) وفي رواية ((إلى سبعين بطناً)) (?)، وظهره: ما يفهم من ألفاظه ويسبق الذهن إليه. وبطنه: المفهومات اللازمة للنظر الأول. وحدّه: ما إليه ينتهي غاية إدراك الفهوم والعقول، ومطلعه: ما يدرك منه على سبيل الكشف والشهود، من الأسرار الإلهية والإشارات الربانية. والمفهوم الأول، الذي هو الظهر، للعوام والخواص. والمفهومات اللازمة له (هي) للخواص ولا مدخل فيها للعوام. والحدّ للكاملين. والمطلع لخلاصة أخص الخواص كأكابر الأولياء. وكذلك التقسيم في الأحاديث القدسية والكلمات النبوية: فإن لكل من العوام والخواص وأخص الخواص فيها إنباءات رحمانية وإشارات إلهية – من أجل هذا كله – كان للشريعة ظاهر وباطن. (ومراتب العلماء أيضا فيهما متكثرة. ففيهم فاضل ومفضول، وعالم وأعلم، والذي نسبته إلى نبيه أتم وقربه من روحه أقوى، كان علمه بظاهر شريعته وباطنها أكمل. والعالم بالظاهر والباطن منه أحق أن يتبع، لغاية قربه من نبيه، وقوة علمه بربه، وأحكامه، وكشفه حقائق الأشياء، وشهوده إياها. ثم من هو دونه في المرتبة إلى أن ينزل إلى مرتبة علماء الظاهر فقط (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015