وأما الفكرة الأخرى التي تسربت إلى التصوف من التشيع، واعتنقها الصوفية بتمامها هي فكرة تقسيم الشريعة إلى الظاهر والباطن، والعام والخاص.
ومنها تدرّجت وتطرقت إلى التأويل الباطني والتفسير المعنوي، وتفريق المسلمين بين العامة والخاصة، فإن الشيعة بجميع فرقها، وخاصة الإسماعيلية منهم يعتقدون أن لكل ظاهر باطنا، وقد اختص بمعرفة الباطن عليّ رضي الله عنه، وأولاده أي أئمتهم المعصومون حسب زعمهم، فسمّوا الموالين لهم بالخاصة، وغير المؤمنين بهذه الفكرة بالعامة.
فلقد قالوا: (لا بدّ لكل محسوس من ظاهر وباطن، فظاهره ما تقع الحواسّ عليه، وباطنه يحويه ويحيط العلم به بأنه فيه، وظاهره مشتمل عليه (?).
وكذبوا (?) على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ما نزلت عليّ آية إلا ولها ظهر وبطن، ولكل حرف حدّ، ولكل حدّ مطلع)) ((?).
ثم قسموا الظاهر والباطن بين النبي والوصيّ حيث قالوا: (كانت الدعوة الظاهرة قسط الرسول صلوات الله وسلامه عليه، والدعوة الباطنة قسط وصيّه الذي فاض منه جزيل الإنعام (?).
ثم قالوا: (إن الظاهر هو الشريعة، والباطن هو الحقيقة، وصاحب الشريعة هو الرسول محمد صلوات الله عليه، وصاحب الحقيقة هو الوصيّ عليّ بن أبي طالب (?).
هذا ولقد فصلنا القول في ذلك في كتابنا (الإسماعيلية القدامى تاريخ وعقائد) حيث بوبنا بابا مستقلا لبيان هذه العقيدة الخطرة للتلاعب بنصوص القرآن والسنة فمن أراد الاستزادة فليرجع إليه.
وأن الشيعة الآخرين كالشيعة الإثني عشرية يقولون بهذا القول كما روى كلينيهم في كافيّه عن موسى الكاظم – الإمام السابع عندهم – أنه قال: (إن القرآن له ظهر وبطن (?).
وأيضا ما رواه ابن بابويه القمي (?) عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في حديث طويل أنه قال: (إن رسول الله صلى الله عليه وآله علمني ألف باب من العلم يفتح كل باب ألف باب، ولم يعلم ذلك أحد غيري) (?).
ويقولون: أن هذه العلوم توارثها أئمتهم بعده، فعلى ذلك يقول الكليني محدّث الشيعة في خطبه كتابه: