لاشك أن الصوفية من أجهل الفرق الإسلامية بآثار النبوة، وأكثرها ترويجا للأحاديث الضعيفة والموضوعة، وذلك واضح جلى في مصنفاتهم فإنها مليئة بالأخبار الموضوعة ومالا أصل له، أضف إلى ذلك كثرة الحكايات والمنامات والخرافات يعوضون بها فقرهم بالآثار النبوية والسنن المصطفوية، ويظهر ذلك كذلك في مناهج التزكية عندهم، حيث يطلبون زكاة نفوسهم بالإنشاد والمكاء والتصدية وتكلف ما لم يشرعه الله عز وجل ولا رسوله صلى الله عليه وسلم من العبادات، وهذه بعض وسائلهم في التزكية.
الصوفية يزكون أنفسهم- زعموا- بالمكاء والتصدية والغناء والتصفيق ويتواجدون عند ذلك حتى روى بعضهم كذبا أن النبي صلى الله عليه وسلم أنشده أعرابي شعرا فقال:
قد لسعت حية الهوى كبدي ... فلا طبيب لها ولا راقي
سوى الحبيب الذي شغفت به ... فمنه دائي ومنه ترياقي
وأن النبي صلى الله عليه وسلم تواجد حتى سقطت البردة عن منكبيه وقال: ((ليس بكريم من لم يتواجد عند ذكر المحبوب)) (?).قال شيخ الإسلام: وهذا حديث كذب بإجماع العارفين بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته وأحواله. (?).
وقال كذلك:
وبالجملة فقد عرف بالاضطرار من دين الإسلام أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشرع، لصالحي أمته وعبادهم وزهادهم أن يجتمعوا على استماع الأبيات الملحنة مع الضرب بالكف أو ضرب بالقضيب أو الدف، كما لم يبح لأحد أن يخرج عن متابعته واتباع ما جاء به من الكتاب والحكمة لا في باطن الأمر ولا في ظاهره، ولا لعامي ولا لخاصي، ولكن رخص النبي صلى الله عليه وسلم في أنواع من اللهو في العرس ونحوه؛ رخص للنساء أن يضربن بالدف في الأعراس والأفراح، وأما الرجال على عهده فلم يكن أحد منهم يضرب بالدف ولا يصفق بكف، بل قد ثبت عنه في الصحيح أنه قال: التصفيق للنساء والتسبيح للرجال، ولعن المتشبهات من النساء بالرجال، والمتشبهين من الرجال بالنساء. ولما كان الغناء والضرب بالدف والكف من عمل النساء كان السلف يسمون من يفعل ذلك من الرجال مخنثا، ويسمون الرجال المغنيين مخانيثا وهذا مشهور من كلامهم. (?).
إلى أن قال رحمه الله: