الفصل الأول: التمهيد الصوفية التي نبحثها هنا هي الصوفية التي خرجت عن الحق إلى الغلو متأثرة بشتى الأفكار المنحرفة التي هي في الواقع أفكار بدعية طرأت على المسلمين في غياب الوعي الإسلامي, وبروز الجهل, وعلماء السوء المغرمين بالخرافات وحب الزعامة, وهي ذات مفاهيم خاطئة مضطربة تأثرت بمسالك منحرفة, وبالغت فيها إلى حد الهوس والاضطراب الفكري الشنيع ......... ولقد جرأ أصحاب هذه الطريقة الصوفية على القول على الله بغير علم, كما كذبوا وأكثروا على رسوله صلى الله عليه وسلم لتقوية مبادئهم الكثيرة وتأييدها, وبالغوا في الكذب وزخرف القول, وتفننوا في الطرق والآراء حتى ليخيل للشخص أنهم على شيء وهم في فراغ وجهل شديد.
وطرقوا مسائل ليست من الإسلام في شيء, ولم يقل بها أحد من المسلمين, وأظهروا بزخرفهم أنها من الإسلام بما قدموه من تقليب الأدلة, وإثارة الشبهة, والتفنن في الاستدلال والجواب، وقالوا بوحدة الوجود, والحلول والاتحاد, ووحدة الشهود، والكشف, والقطب, والغوث، وغير ذلك من الأمور التي طرقها كبار دعاتهم، مثل: الحلاج, وابن عربي, وابن الفارض والبسطامي, والجيلي، وغيرهم ممن لبس عليهم إبليس فقالوا بوجود الله تعالى في كل شيء، حتى صار في عرف غلاتهم أن من لا يعتقد اتصاف الخلق بأوصاف الخالق، لا يمكن أن يعد صوفياً وولياً من أولياء الله، كما ذكر الأستاذ إحسان إلهي ذلك عنهم.
وهكذا أصبح المذهب الصوفي بعد أن لبس إبليس على أتباعه خليطاً من شتى الأفكار والآراء المنحرفة، حيث يظهر فيه جلياً غلو الشيعة, ومبادئ الباطنية, وآراء المسيحية والهندوكية والبوذية، وغير ذلك من الديانات والفلسفيات القديمة, كالأفلاطونية, والأفلوطينية, وسائر ما قال به علماء اليونان.
وقد قامت الدعوة للصوفية وإظهار شأنها من جديد في هذا العصر على نطاق واسع بسبب عوامل عدة:
منها: جهل كثير من المسلمين بحقيقة دينهم ثم الجهل بحقيقة الصوفية كذلك.
ومنها: مساعدة أعداء الإسلام على نشر الصوفية، لأنهم يعرفون المكاسب التي سيجنون ثمارها إذا علا سلطان الصوفية, وفشا الجهل, وانتشرت الخرافات الصوفية وخزعبلاتها, وتأثروا بآرائها السلبية في مفهوم الجهاد في سبيل الله, وفي مفهوم وحدة الأديان التابعة لمفهوم وحدة الوجود.
وأعداء الإسلام هنا فريقان:
فريق عداوته ظاهرة: وهم المستعمرون ومن يبيتون النية لهدم الإسلام وتشتيت كلمة المسلمين، وقد استفاد هؤلاء من أفكار الصوفية كثيراً حين نام المسلمون على دعوى الزهد والإقبال على الآخرة بغير بينة، والتمسح بصور الأولياء, وطلب البركة والنصر منهم في حياتهم وبعد موتهم أيضاً، والعكوف على قبورهم.
وفريق آخر متلبسون باسم الدين, ويحكمون كثيراً من ديار المسلمين؛ وهؤلاء يساعدون الصوفية خوفاً من عودة الوعي الإسلامي السلفي الذي يصطدم مع ميول ورغبات هؤلاء وشهواتهم.
لأجل هذا ولغيره كان التنبيه .... إلى خطر هذا المذهب الرديء واجباً يحتمه النصح لكل مسلم يحب حماية نفسه ودينه من الانزلاق في خضم الأفكار المبثوثة بين صفوف المسلمين، والتي كان من نتيجتها زيادة الكوارث والخبال الذي حل بديار المسلمين حين ابتعدوا عن المنهج الحق الذي شرعه الله لعباده.
ولقد فرح أعداء الإسلام بانتشار الصوفية التي مهدت لهم السبيل بدعوى الزهد والتقشف, والابتعاد عن المظاهر, وعن منازعة الحكام, والرضا بأفعالهم؛ فعاش المسلمون على هامش الحياة بعد أن خدرت الصوفية أعصابهم بترهاتها وخزعبلاتها التي تنافي العقل السليم والدين الإسلامي الحنيف في كثير من مبادئها وطقوسها المختلفة ونظرتها إلي الحياة.
¤فرق معاصرة لغالب عواجي – بتصرف – 3/ 861