وأما موسى بن جعفر فأهانوه، وأهانوا أمه فقالوا: إن ابن عكاشة دخل على أبي جعفر وكان أبو عبد الله عليه السلام قائماً عنده، فقدم إليه عنباً، فقال: حبة حبة يأكله الشيخ الكبير والصبي الصغير وثلاثة وأربعة يأكله من يظن أنه لا يشبع، وكله حبتين حبتين فإنه يستحب. فقال لأبي جعفر عليه السلام: لأي شيء لا تزوج أبا عبد الله فقد أدرك التزويج؟ قال: وبين يديه صرة مختومة، فقال: أما إنه سيجيء نخاس من أهل بربر فينزل دار ميمون، فنشتري له بهذه الصرة جارية، قال: فأتى لذلك ما أتى، فدخلنا يوماً على أبي جعفر عليه السلام فقال: ألا أخبركم عن النخاس الذي ذكرته لكم قد قدم، فاذهبوا فاشتروا بهذه الصرة منه جارية، قال: فأتينا النخاس فقال: قد بعت ما كان عندي إلا جاريتين مريضتين إحداهما أمثل من الأخرى، قلنا: فأخرجهما حتى ننظر إليهما فأخرجهما، فقلنا: بكم تبيعنا هذه المتماثلة قال:
بسبعين ديناراً، قلنا أحسن، قال: لا أنقص من سبعين ديناراً، قلنا له: نشتريها منك بهذه الصرة ما بلغت ولا ندري ما فيها وكان عنده رجل أبيض الرأس واللحية قال: فكوا وزنوا، فقال النخاس: لا تفكوا فإنها إن نقصت حبة من سبعين ديناراً لم أبايعكم، فقال الشيخ: ادنوا، فدنونا وفككنا الخاتم ووزنا الدنانير، فإذا هى سبعون ديناراً لا تزيد ولا تنقص، فأخذنا الجارية فأدخلناها على أبي جعفر عليه السلام وجعفر قائم عنده فأخبرنا أبا جعفر بما كان، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال لها: ما اسمك؟ قالت: حميدة، فقال حميدة في الدنيا، محمودة في الآخرة، أخبريني عنك أبكر أنت أم ثيب؟ قالت: بكر, قال:
وكيف ولا يقع في أيدي النخاسين شيء إلا أفسدوه، فقال: قد كان يجيئني مني مقعد الرجل من المرأة، فيسلط الله عليه رجلاً أبيض الرأس واللحية، فلا يزال يلطمه حتى يقوم عني، ففعل بي مراراً وفعل الشيخ به مراراً فقال: يا جعفر! خذها إليك، فولدت خير أهل الأرض موسى بن جعفر عليهما السلام" (الأصول من الكافي) كتاب (الحجة)، باب مولد موسى بن جعفر 1/ 4779.
وتكلموا في علمه وعقله حيث قالوا: إنه سئل عن امرأة تزوجت ولها زوج؟ قال: ترجم المرأة، ولا شيء على الرجل، فلقيت أبا بصير (?) فقلت له: إني سألت أبا الحسن عن المرأة التي تزوجت ولها زوج، قال: ترجم المرأة ولا شيء على الرجل، قال: فمسح صدره (أبو بصير) وقال: ما أظن صاحبنا تناهى حكمه بعد – وفي رواية أخرى: أظن صاحبنا ما تكامل علمه" (رجال الكشي" 153، 154).
وكان أبو بصير المرادي هذا يتهم موسى بن جعفر أنه رجل الدنيا كما ذكر الكشي عن حماد بن عثمان أنه قال:
خرجت أنا وابن أبي يعفور وآخر إلى الحيرة أو إلى بعض المواضع، فتذاكرنا الدنيا فقال أبو بصير المرادي:
أما إن صاحبكم لو ظفر بها لاستأثر بها" (رجال الكشي" ص154).
¤الشيعة وأهل البيت لإحسان إلهي ظهير - ص281