ثالثاً: ومما يؤكّد بطلان هذه الدعوى أن أحداً من هؤلاء الأئمة الأربعة وتلاميذهم لم يدع قط مذهب الشيعة الاثني عشرية، ولا ارتضاه لنفسه مذهباً، فكيف يتفق هذا مع زعم أنهم قد استمدوا كل علومهم من فقهٍ وحديثٍ وغيرهما من أئمة الاثني عشرية أو علمائهم؟ ومعلومٌ أن الإناء إنما ينضح بما فيه. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (من المعلوم لكل عاقل أنه ليس من علماء المسلمين المشهورين أحدٌ رافضي؛ بل كلهم متّفقون على تجهيل الرافضة وتضليلهم ... وهم دائماً يذكرون من جهل الرافضة وضلالهم ما يُعلم معه بالاضطرار أنهم يعتقدون أن الرافضة من أجهل الناس وأضلّهم، وأبعد طوائف الأمة عن الهدى) (?).ويقول أيضاً رحمه الله: (والله يعلم أني مع كثرة بحثي وتطلّعي إلى معرفة أقوال الناس ومذاهبهم، ما علمتُ رجلاً له في الأمة لسان صدقٍ يُتّهم بمذهب الإمامية، فضلاً عن أن يقال: إنه يعتقده في الباطن) (?).وقال عبد القاهر البغدادي: (ولم يكن بحمد الله ومَنِّهِ في الخوارج ولا في الروافض ... ولا في سائر أهل الأهواء الضّالة قط إمام في الفقه ولا إمام في رواية الحديث) (?).

فهذا سرّ ما نجده حتى وقتنا الحاضر من أن بعض أتباع الأئمة الأربعة ربما يُتهم بشيء من الاعتزال أو التصوّف أو الإرجاء، ولكننا لم نسمع قط برافضي حنفي أو مالكي أو شافعي أو حنبلي اشتهر بالتصنيف والتأليف على مذهبهم واتباع أصولهم؛ وما ذلك إلا لِبُعْدِ الرفض كل البعد عن طريقة أهل العلم، ولأنه نقيض للإسلام، والشيء مع نقيضه لا يجتمعان. رابعاً: أنه كيف يُعقل أن يكون الأئمة الأربعة رحمهم الله قد اعتمدوا في العلم على الشيعة الاثني عشرية، وقد شهد القاصي والداني والعدو قبل الصديق بعلم هؤلاء الأئمة وفقههم وضبطهم وصدقهم، في حين أن الإمامية بشهادة أكثر الأمة جَهَلَة وكَذَبَة لا سيما في النقليات؟ قال ابن تيمية رحمه الله: (وقد اتفق عقلاء المسلمين على أنه ليس في طائفة من طوائف أهل القبلة أكثر جَهْلاً وضلالاً وكذباً وبدعاً، وأقرب إلى كل شرّ، وأبعد عن كل خير من طائفته) (?)، يعني الإمامية (?).

¤موقف الشيعة الاثني عشرية من الأئمة الأربعة لخالد بن أحمد الزهراني

طور بواسطة نورين ميديا © 2015