إذا ليس المطلوب هو حب آل البيت فقط، إذ يدخل حبهم النار إذا غلا فيه صاحبه وجاوز الحد المشروع، بل نحبهم رضي الله عنهم الحب الذي أمرنا الله به، وبينه لنا رسول صلى الله عليه وسلم، ونعترف بفضلهم ونتقرب به إلى الله. ولا يقتضي حبهم وموالاتهم معادة غيرهم من الصحابة كما تزعم الشيعة أنه لا ولاء إلا ببراء (?) بل الواجب أن يتسع حبنا للصحابة كلهم رضي الله عنهم فنواليهم ونحبهم (?) ولا يضيق حبنا لهم كما ضاق حب الشيعة ولم يتسع – كما عزموا – إلا لآل البيت (?)؛ وليتهم صدقوا في دعواهم المحبة التي برهانها الاتباع، فما نراهم إلا مخالفين لأئمة آل البيت. يروى أن عليا رضي الله عنه نظر إلى قوم ببابه فقال لقنبر مولاه: من هؤلاء؟ قال: شيعتك يا أمير المؤمنين. قال: ما لي لا أرى فيهم سيما الشيعة. قال: وما سيماهم؟ قال: خمص البطون، يبس الشفاه من الظمأ، عمش العيون من البكاء" (?).إن التشيع الحق الصادق لآل البيت هو تشيع أهل السنة والجماعة المتبعين لقول الله وقول رسوله صلى الله عليه وسلم، المقتدين بالرسول صلى الله عليه وسلم ومن سار على هديه من الصحابة الكرام وآل بيته الشرفاء، فأهل السنة بحق هم أنصار علي وأتباعه إذ من مذهبهم القول بأن عليا رضي الله عنه وأصحابه أولى الطائفين بالحق في حروبه في الجمل وصفين (?) ومع ذلك يعذرون الخارجين على علي رضي الله عنه، ويقولون: اجتهدوا وأخطأوا، ويجمعون على عدالة الجميع وحبهم. وأما عن حبهم لآل البيت فيقول الآجري رحمه الله: "واجب على كل مؤمن ومؤمنة محبة أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بنو هاشم علي بن أبي طالب وولده وذريته، وفاطمة وولدها وذريتها، والحسن والحسين وأولادهما وذريتهما، وجعفر الطيار وولده وذريته، وحمزة وولده، والعباس وولده وذريته رضي الله عنهم، هؤلاء أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، واجب على المسلمين محبتهم وإكرامهم، واحتمالهم، وحسن مداراتهم، والصبر عليهم، والدعاء لهم، فمن أحسن من أولادهم وذراريهم فقد تخلق بأخلاق سلفه الكرام الأخيار الأبرار، ومن تخلق منهم بما لا يحسن من الأخلاق دعي له بالصلاح والصيانة والسلامة، وعاشره أهل العقل والأدب بأحسن المعاشرة، وقيل له: نحن نجلك عن أن تتخلق بأخلاق لا تشبه سلفك الكرام الأبرار، ونغار لمثلك أن يتخلق بما نعلم أن سلفك الكرام الأبرار لا يرضون بذلك، فمن محبتنا لك أن نحب لك أن تتخلق بما هو أشبه بك، وهي الأخلاق الشريفة الكريمة، والله الموفق لذلك" (?).
يقول الشافعي رحمه الله تعالى:
إن نحن فضلنا عليا فإننا ... روافض بالتفضيل عند ذوي الجهل
وفضل أبي بكر إذا ما ذكرته ... رميت بنصب عند ذكري للفضل
فلا زلت ذا رفض ونصب كلاهما ... بحبهما حتى أوسد في الرمل (?)
¤موقف الصحابة من الفرقة والفرق لأسماء السويلم - ص 536 - 539