وعلى هذا زوج علي بن أبي طالب رضي الله عنه ابنته التي ولدتها فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم من الفاروق رضي الله عنه حينما سأله زواجها منه رضي بما يطلب، وثقة فيه، واعتماداً به، وإقراراً بفضائله ومناقبه، واعترافاً بمحاسنه وجمال سيرته، وإظهاراً بأن بينهم من العلاقات الوطيدة الطيبة والصلات المحكمة المباركة ما يحرق قلوب الحساد من اليهود وأعداء الأمة المجيدة، ويرغم أنوفهم، ولقد أقر بهذا الزواج كافة أهل التاريخ والأنساب وجميع محدثي الشيعة وفقهائهم ومكابريهم ومجادليهم وأئمتهم المعصومين حسب زعمهم، ولقد أوردنا روايات بخصوص ذلك في كتابنا (الشيعة والسنة).
وإتماماً للفائدة وإكمالا للبحث نورد ههنا بعض الروايات الأخرى التي لم نوردها هناك، فيقول المؤرخ الشيعي أحمد بن أبي يعقوب في تاريخه تحت ذكر حوادث سنة (17) من خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
"وفي هذه السنة خطب عمر إلى علي بن أبي طالب أم كلثوم بنت علي، وأمها فاطمة بنت رسول الله، فقال علي: إنها صغيرة! فقال: إني لم أرد حيث ذهبت. لكني سمعت رسول الله يقول: كل نسب وسبب ينقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي وصهري، فأردت أن يكون لي سبب وصهر برسول الله، فتزوجها وأمهرها عشرة آلاف دينار" (تاريخ اليعقوبي) (2/ 149، 150).
وأيضاً ذكر ذلك الطبري في تاريخه (تاريخ الأمم والملوك) (5/ 16) ط مصر القديم) وابن كثير في (البداية والنهاية) (7/ 139) وابن الأثير في (الكامل) (3/ 29) ط دار الكتاب بيروت) و (طبقات ابن سعد) (ص340) ط ليدن وأبو الفداء في تاريخه وغيرهم وهم كثيرون.
وأقر بذلك الزواج أصحاب الصحاح الأربعة الشيعية أبو جعفر محمد بن يعقوب الكليني في كافيه بأن علياً زوج ابنته أم كلثوم من الفاروق رضي الله عنهما.
وروى أيضاً عن سليمان بن خالد أنه قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام - جعفر الصادق - عن امرأة توفي زوجها أين تعتد؟ في بيت زوجها أو حيث شاءت؟ قال: بلى حيث شاءت، ثم قال: إن علياً لمّا مات عمر أتى أم كلثوم فأخذ بيدها فانطلق بها إلى بيته" (الكافي في الفروع) كتاب الطلاق، باب المتوفي عنها زوجها (6/ 115، 116) وفي نفس الباب رواية أخرى عن ذلك، وأورد هذه الرواية شيخ الطائفة الطوسي في صحيحه (الاستبصار) أبواب العدة، باب المتوفي عنها زوجها (3/ 353) ورواية ثانية عن معاوية بن عمار، وأوردهما في (تهذيب الأحكام) باب في عدة النساء (8 ص161).
وهنالك رواية أخرى رواه الطوسي عن جعفر - الإمام السادس عندهم - عن أبيه الباقر أنه قال: ماتت أم كلثوم بنت علي وابنها زيد بن عمر بن الخطاب في ساعة واحدة لا يدرى أيهما هلك قبل، فلم يورث أحدهما من الآخرة وصلي عليهما جميعاً" (تهذيب الأحكام) كتاب الميراث، باب ميراث الغرقى والمهدوم، (9/ 262).
وذكر هذا الزواج من محدثي الشيعة وفقهائها السيد مرتضى علم الهدى في كتابه (الشافي) (ص116) وفي كتابه (تنزيه الأنبياء) (ص141 ط إيران) وابن شهر آشوب في كتابه (مناقب آل أبي طالب) (ج3 ص162 ط بمبئى الهند) والأربلي في "كشف الغمة في معرفة الأئمة" (ص10 ط إيران القديم) وابن أبي الحديد في "شرح نهج البلاغة" (ج3 ص124) ومقدس الأردبيلي في "حديقة الشيعة" (ص277) ط طهران) والقاضي نور الله الشوشتري الذي يسمونه بالشهيد الثالث في كتابه (مجالس المؤمنين) (ص76) ط إيران القديم، أيضاً (ص82).
ويقول وهو يذكر المقداد بن الأسود: إن النبي أعطى بنته لعثمان، وإن الولي زوج بنته من عمر" (مجالس المؤمنين) (ص85).