والأئمة الذين ورد ذكرهم كثيراً في هذين التفسيرين نجد لولايتهم حظاً من التأويل، فعند قوله تعالى في سورة البقرة " الآية 208 ": يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ [البقرة:208] يرويان عن أصحابهما أن السلم الدخول في الولاية (?). وفي الآية السابعة من سورة المائدة: وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا [المائدة:7]. يرويان دخول الولاية في المراد بالميثاق (?). وفي سورة طه " الآية 82 ": وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى [طه: 82] يرويان أن الاهتداء إلى الولاية (?).وسورة محمد " الآية 26 ": ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ [محمد:26]، روى الطبرسي أن ما نزل الله في الولاية (?).
وإمامهم الثاني عشر - الإمام المهدي - نجد له ذكراً خاصاً. فعند قوله تعالى في سورة البقرة: الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ [البقرة:3]، نراهما يدخلان في الإيمان بالغيب ما رواه أصحابهما من زمان غيبة المهدي ووقت خروجه (?).وفي سورة الأنبياء " الآية: 105 ": وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ [الأنبياء: 105]، يروي الطبرسي عن الإمام الباقر، أن هؤلاء الوارثين هم أصحاب المهدي في آخر الزمان (?). وفي سورة النور: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا [النور: 55] يرويان عن أئمتهم " هم والله شيعتنا أهل البيت، يفعل ذلك بهم على يد رجل منا، وهو مهدي هذه الأمة " (?). وفي سورة الفتح: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ [الفتح: 28]، يذكر " أنه إذا خرج المهدي صارالإسلام في جميع البشر، وتبطل الأديان كلها " (?).
وبعد: فهذه أهم آثار الإمامة في تفسير هذين الشيخين: الطوسي والطبرسي، وإن كان الثاني - كما يظهر- أكثر تأثراً من شيخ الطائفة، وهما وإن لم يجنبا كتاب الله تعالى هذه الناحية الطائفية -التي ليس لها مستند من كتاب ولا سنة كما أثبتنا - إلاَّ أنهما مع هذا من أكثر الشيعة اعتدالاً، أو أقلهم غلواً. ويبدو البون شاسعاً عند المقارنة بينهما وبين من سبقهما من الغلاة. ولذلك جاء القول بالاعتدال النسبي أو إلى حد ما نتيجة المقارنة بغلاتهم الضالين، وإلا فجانب الغلو والتطرف فيهم، وفي أمثالهم، واضح بين!
¤مع الشيعة الاثني عشرية في الأصول والفروع لعلي السالوس - ص537