ولعل الراجح من تلك الأقوال هو القول الثالث -أي بعد معركة صفين- حين انشقت الخوارج وتحزبوا في النهروان، ثم ظهر في مقابلهم أتباع وأنصار علي حيث بدأت فكرة التشيع تشتد شيئاً فشيئاً .. على أنه -فيما يبدو- لا مانع أن يوجد التشيع بمعنى الميل والمناصرة والمحبة للإمام علي وأهل بيته قبل ذلك - إذا جازت تسمية ذلك تشيعاً - لا التشيع بمعناه السياسي عند الشيعة، فإن هؤلاء ليسوا شيعة أهل البيت وإنما هم أعداؤهم والناكثون لعهودهم لهم في أكثر من موقف. وأما ادعاء من يدعي بأن هذه اللفظة كانت شائعة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كما كان التشيع موجوداً في عصره والشيعة موجودون في زمنه فلا ينهض به دليل ولا يقوم به برهان كما قال محمد الحسين في (أصل الشيعة وأصولها). إن أول من وضع بذرة التشيع في حقل الإسلام ـ هو نفس صاحب الشريعة ـ يعني أن بذرة التشيع وضعت مع بذرة الإسلام جنباً إلى جنب وسواء بسواء ولم يزل غارسها يتعاهدها بالسقي والعناية حتى نمت وازدهرت في حياته (?) ثم أثمرت بعد وفاته.
وبمثل ذلك القول قال الآخر: " إن التشيع ظهر في أيام نبي الإسلام الأقدس الذي كان يغذي بأقواله عقيدة التشيع لعلي عليه السلام وأهل بيته ويمكنها في أذهان المسلمين ويأمر بها في مواطن كثيرة (?) ".
ولم يظن المظفري الشيعي هذا كافياً فقال:
إن الدعوة إلى التشيع ابتدأت من اليوم الذي هتف فيه المنقذ الأعظم محمد صلوات الله عليه صارخاً بكلمة لا إله إلا الله في شعاب مكة وجبالها ... فكانت الدعوة للتشيع لأبي الحسن عليه السلام من صاحب الرسالة تمشي منه جنباً لجنب مع الدعوة للشهادتين (?) ".