وكذلك أطلقت هذه اللفظة على حزب سياسي موحد لبني علي وبني العباس بتركيب شيعة آل محمد مقابل شيعة بني أمية ولم يكن إطلاقها إلا لبيان رأي سياسي في من تولى الحكم وفي من يحق أن يتولاه وقد صرح بذلك شيعي مشهور ناقلاً عن كتاب (الزينة) للسجستاني: ثم بعد مقتل عثمان وقيام معاوية وأتباعه في وجه علي بن أبي طالب وإظهاره الطلب بدم عثمان واستمالته عدداً عظيماً من المسلمين إلى ذلك صار أتباعه يعرفون بالعثمانية وصار أتباع علي يعرفون بالعلوية مع بقاء إطلاق اسم الشيعة عليهم واستمر ذلك مدة ملك بني أمية ". (?) ونقل أيضاً من نقيب الشيعة بحلب: كل قوم أمرهم واحد يتبع بعضهم رأي بعض فهم شيعة, وشيعة الرجل أتباعه وأنصاره ويقال: شايعه كما يقال: والاه من الولي والمشايعة, وكأن الشيعة لما اتبعوا هؤلاء القوم واعتقدوا فيهم ما اعتقدوا سموا بهذا الاسم لأنهم صاروا أعواناً لهم وأنصارا وأتباعا، فأما من قبل حين أفضت الخلافة من بني هاشم إلى بني أمية وتسلمها معاوية بن صخر من الحسن بن علي وتلقفها من بني أمية ومالوا إلى بني هاشم وكان بنو علي وبنو عباس يومئذ في هذا شرع فلما انضموا إليهم واعتقدوا أنهم أحق بالخلافة من بني أمية وبذلوا لهم النصرة والموالاة والمشايعة سموا شيعة آل محمد, ولم يكن إذ ذاك بين بني علي وبني العباس افتراق في رأي ولا مذهب, فلما ملك بنو العباس وتسلمها سفاحهم من بني أمية نزغ الشيطان بينهم وبين بني علي فبدا منهم في حق بني علي ما بدا فنفر منهم فرقة من الشيعة " (?)
وقد كررنا لفظ السياسة حيث نقصد من ورائها أنه لم يكن بين القوم خلاف ديني يرجع إلى الكفر والإسلام كما أقر بذلك سيدنا علي رضي الله عنه حيث قال مخاطباً جنده عن معاوية وعساكره:
أوصيكم عباد الله تقوى الله فإنها خير ما تواصى به العباد وخير عواقب الأمور عند الله وقد فتح باب الحرب بينكم وبين أهل القبلة (?) ".
هذا وقد زاد علي رضي الله عنه المسألة وضوحاً وبياناً في كتاب له كتبه إلى أهل الأمصار يقص فيه ما جرى بينه وبين أهل صفين ويبين فيه حكم من ناضلوه وقاتلوه وموفقه منهم:
وكان بدء أمرنا التقينا والقوم من أهل الشام والظاهر أن ربنا واحد ونبينا واحد ودعوتنا في الإسلام واحدة ولا نستزيدهم في الإيمان بالله والتصديق برسوله صلى الله عليه وسلم الأمر واحد إلا ما اختلفنا فيه من دم عثمان ونحن منه براء (?) ".
ولأجل ذلك منع أصحابه من سب أهل الشام وأنصار معاوية وشتمهم إياهم أيام حربهم بصفين:
إني أكره لكم أن تكونوا سبابين ولكنكم لو وصفتم أعمالهم وذكرتهم حالهم كان أصوب في القول وأبلغ في العذر وقلتم مكان سبكم إياهم " اللهم احقن دمائنا ودمائهم وأصلح ذات بيننا وبينهم (?) ".