13 - وأما مسألة الإمامة والخلافة فقد ذكر بعض العلماء عن الإباضية في مسألة الإمامة والخلافة، أن الإباضية يزعمون أنه قد يستغنى عن نصب الخليفة ولا تعود إليه حاجة إذا عرف كل واحد الحق الذي عليه للآخر، وهذا القول أكثر ما شهر عن المحكِّمة والنجدات. وأما الإباضية فقد ذكر هذا القول عنهم ج. لوريمر في كتابه (دليل الخليج) (?)، ولكن بالرجوع إلى كتب الإباضية نجد أنهم ينفون هذا القول عنهم ويعتبرونه من مزاعم خصومهم عنهم، وإن مذهبهم هو القول بوجوب نصب حاكم للناس، ومن قال غير هذا عنهم فهو جاهل بمذهبهم على حد ما يقوله علماؤهم كالسالمي وعلي يحيى معمر وغيرهما. قال السالمي: (والإمامة فرض بالكتاب والسنة والإجماع والاستدلال) (?).
وموقفهم هذا يتفق مع مذهب أهل السنة فإنهم يرون وجوب نصب الحاكم حتى وإن كانوا جماعة قليلة، فلو كانوا ثلاثة في سفر لوجب تأمير أحدهم، كما دلت على ذلك النصوص الثابتة، وأن من قال بالاستغناء عن نصب الحاكم فقد كابر عقله وكذب نفسه ورد عليه الواقع من حال البشر، وصار ما يقوله من نسيج الخيال، وأدلته على الاستغناء مردودة واهية.
والخوارج كافة ينظرون إلى الإمام نظرة صارمة هي إلى الريبة منه أقرب، ولهم شروط قاسية جداً قد لا تتوفر إلا في القليل النادر من الرجال، وإذا صدر منه أقل ذنب فإما أن يعتدل ويعلن توبته وإلا فالسيف جزاؤه العاجل. وقد جوَّز الإباضية كأهل السنة صحة إمامة المفضول مع وجود الفاضل إذا تمت للمفضول؛ خلافاً لسائر الخوارج (?).14 - وجوز الإباضية التقية خلافاً لأكثر الخوارج (?) وقد أورد الربيع بن حبيب في (مسنده) روايات في الحث عليها تحت قوله: (باب ما جاء في التقية)، ومنه قال جابر: سئل ابن عباس عن التقية فقال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((رفع الله عن أمتي الخطأ والنسيان وما لم يستطيعوا وما أكرهوا عليه)). (?).
قال: (وقال ابن مسعود ما من كلمة تدفع عني ضرب سوطين إلا تكلمت بها، وليس الرجل على نفسه بأمين إذا ضرب أو عذب أو حبس أو قيد) أي وهو يجد خلاصاً في الأخذ بالتقية.
¤فرق معاصرة لغالب عواجي 1/ 256