أ- موقف الغلاة منهم: يذكر الأشعري أن الخوارج مجمعون على أن مخالفيهم يستحقون السيف حلال دماؤهم، إلا فرقة الإباضية فإنها لا ترى ذلك إلا مع السلطان كما عبر عن هذا بقوله: "وأما السيف فإن الخوارج جميعا تقول به وتراه، إلا أن الإباضية لا ترى اعتراض الناس بالسيف، ولكن يرون إزالة أئمة الجور ومنعهم من أن يكونوا أئمة بأي شيء قدروا عليه، بالسيف أو بغير السيف" (?).ويقول الشاطبي في كلامه عن الاختلافات الضالة التي أدت بالمسلمين إلى تكفير بعضهم بعضا وسفكوا بسببها دماءهم - قال: "ألا ترى كيف كانت ظاهرة في الخوارج الذين أخبر بهم النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: ((يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان)) (?).وقد اختلف علماء الفرق في تحديد أول من حكم بتشريك أهل القبلة وتكفيرهم، هل هم الأزارقة أم هم المحكمة الأولى؟، فهناك من يرى أن الأزارقة هم الذين ابتدعوا القول بإكفار المسلمين، يقول الأشعري: "وأول من أحدث الخلاف بينهم نافع بن الأزرق الحنفي، والذي أحدثه البراءة من القعدة والمحنة لمن قصد عسكره وإكفار من لم يهاجر إليه" (?).ويرى البغدادي أن الأزارقة هم الذين ابتدعوا القول بتشريك المسلمين، أما المحكمة فلم يحكموا عليهم إلا بالكفر، وذلك حسب قوله: "ومنها - أي من بدع الأزارقة - قولهم بأن مخالفيهم من هذه الأمة مشركون، وكانت المحكمة الأولى يقولون إنهم كفرة لا مشركون" (?).ومثل ما ذكره البغدادي في هذا المقام نجده عند صاحب كتاب (الأديان الإباضي)، فإنه يرى أن نافعا لم يسبقه أحد بالقول بتشريك المخالفين واستحلال دماء أطفال مخالفيه، ويرى أن الخوارج كلهم على حق وصواب أحربهم في الخروج، لولا زلة الخوارج نافع بن الأزرق وخروجه على أهل الحق، كما يرى المؤلف (?).