استدل نافع على تحريم التقية بآيات من القرآن الكريم وردت في الأصل، إما في المشركين أي مشركي العرب وغيرهم، وإما في المنافقين، ولكن نافعا جعل حكمها شاملا لمخالفيه من أهل القبلة ومنطبقا عليهم، فاستدل على منع التقية بقوله تعالى: وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً، وبما جاء في أمر الله المؤمنين بالجهاد على ما تيسر من حال بعد أن قطع العذر في التخلف فقال: انْفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً، أي أن الله أمر بقتل المشركين أمرا عاما دون استثناء لحال من الأحوال يجوز فيه القعود عن قتالهم على سبيل التقية. واستدل أيضا بقوله تعالى: لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ [النساء:95]، وذلك أن الله تعالى وإن كان قد عذر الضعفاء والمرضى والذين لا يجدون ما ينفقون ومن كانت إقامته لعلة، إلا أنه فضل مع ذلك المجاهدين، وأخبر أنهم لا يستوون عنده في الثواب (?) مع غيرهم من أصحاب الأعذار ومنهم القاعدون عن القتال تقية، وقد استدل نافع كذلك على تحريم التقية بما وصف الله به القعدة في قوله تعالى: وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُواْ اللهَ وَرَسُولَهُ [التوبة:90]، أي أن القعود عندهم من صفات المكذبين لله ورسوله وهم غير المؤمنين. واستدل أيضا بأن الله قد ذم الذين يخشون غيره من الناس أو تكون خشيتهم من الناس أشد من خشيتهم من الله وهو من لوازم صفات أهل التقية، وذلك في قوله تعالى: إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً [النساء:77]، ثم مدح تعالى نقيض هؤلاء وهم المجاهدون الذين لا يبالون بغيرهم فقال تعالى: يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ [المائدة:54] (?).
¤الخوارج تاريخهم وآراؤهم الاعتقادية وموقف الإسلام منها لغالب عواجي– ص451