المصلح المعلم: عين بعد نيله الشهادة العالية مدرساً من دار العلوم للتاريخ وفي مدرسة الألسن الخديوية للعربية في أواخر سنة 1295هـ مع مداومته على التدريس في الجامع الأزهر فدرس في دار العلوم مقدمة ابن خلدون وكان غرضه من ذلك بث أفكاره الإصلاحية في السياسة وفي المجتمع وفي التعليم عبر ذلك الدرس الذي يفتح له المصارع في الحديث عن تلك الأمور من أوسع الأبواب وكان يكلف تلاميذه بكتابة المقالات ليعودهم الإحساس بمشاركته في الإصلاح والنقد فتكون آرائه لديهم أكثر قبولا وتأثيراً إلا أنه لم يلبث طويلاً حتى عزل لصلته بالسيد جمال الدين الأفغاني الذي صدر الأمر بنفيه. عزل عن التدريس وأمر بالمقام في بلده لا يبرحه حتى صدر الأمر بالعفو عنه سنة 1287هـ وعين رئيسا لتحرير الجريدة الرسمية (الوقائع المصرية) مما سنعرض له بعد وفي سنة 1300هـ 1882م حكم عليه بالنفي لاشتراكه في الثورة العرابية وتوجه إلى الشام حيث مكث فيه مدة نفيه إلا عشرة أشهر أقامها في باريس أصدر خلالها مع الأفغاني جريدة العروة الوثقى عاد بعد توقفها إلى الشام فبدأ درسه في منزله في بيروت في السيرة النبوية وقرأ في الجامع الكبير التفسير لا يلتزم كتاباً وإنما يقرأ في المصحف ويفسر (?) ودعي في سنة 1303هـ إلى التدريس في المدرسة السلطانية فلبى وكان له فيها إصلاحات متعددة فزاد في العلوم التوحيد ومعاملات الفقه والتاريخ والمنطق والمعاني والإنشاء ووجد أن المختصرات في التوحيد لا تأتي على الغرض من إفادة التلامذة والمطولات تعلو على أفهامهم والمتوسطات ألفت لغير زمانهم فأملى عليهم ما هو أمس بحالهم فكانت (رسالة التوحيد) (?) ونقل إلى العربية رسالة (الرد على الدهريين) لأستاذه الأفغاني وشرح كتاب (نهج البلاغة) و (مقامات بديع الزمان الهمذاني) (?).

كان هذا جزءاً من مساهمته في الحركة العلمية أما أهم أهدافه في الإصلاح التعليمي فتلخصها لنا اللائحتان اللتان قدمهما إحداهما إلى الآستانة لإصلاح التعليم في سوريا والثانية إلى اللورد كرومر لإصلاح التعليم في القاهرة بعد عودته من منفاه.

أما الأولى فقدمت في سنة 1304هـ إلى شيخ الإسلام في الآستانة قسم الناس فيها إلى طبقات ثلاث وعين لكل واحدة منها حدا من هذه الفنون فالطبقة الأولى العامة من أهل الصناعة والتجارة والزراعة ومن يتبعهم ينبغي أن توضع لهم كتب التعليم الديني على الوجه الآتي:

أولاً: كتاب مختصر في العقائد الإسلامية المتفق عليها عند أهل السنة مع الإلمام بشيء من الخلاف بيننا وبين النصارى وبيان شبههم في معتقداتهم.

ثانياً: كتاب مختصر في الحلال والحرام والتنبيه على البدع المستحدثة.

ثالثاً: كتاب في التاريخ مختصر يحتوي على مجمل سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وخلفائه ثم يتبع ذلك بتاريخ الخلفاء العثمانيين.

أما الطبقة الثانية: فهم طبقة الساسة ممن يتعاطى العمل للدولة في تدبير أمر الرعية وحماتها من العسكريين وأعضاء المحاكم ورؤسائها ومأموري الإدارة على اختلاف مراتبهم فتوضع لهم الدروس كالآتي:

أولاً: كتاب يكون مقدمة للعلوم يحتوي على المهم في فن المنطق وأصول النظر وشيء من آداب الجدل.

ثانياً: كتاب في العقائد يوضع على قواعد البرهان العقلي والدليل القطعي مع التزام التوسط.

ثالثاً: كتاب يفصل فيه الحلال والحرام وأبواب الفضائل والرذائل ببيان أكمل مما في البداية.

رابعاً: تاريخ ديني يحتوي على سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والفتوحات الإسلامية والعثمانية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015