ثم أي معرفة يطلبها أهل الجنة، حتى يقال: التفكر بالقلب طلباً للمعرفة؟ - ومن آيات الصفات التي أولوها أينما وردت آيات العلم، والقدرة، ونحوها حيث يرون أن الله عالم بلا علم، وقادر بلا قدرة، وهكذا، فيقول القاضي عبدالجبار: " أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ [النساء: 166] أي: وهو عالم به، فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِم بِعِلْمٍ [الأعراف: 7] أي: ونحو عالمون به، وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ [البقرة: 255] أي: معلوماته" (?).

وهذا كسابقه تأويل فاسد؛ إذ لا يوجد دليل ملجئ يحتم المصير إلى هذا النحو من التأويل، ومن السخف ورقة الدين أن يستنكف المرء عن وصف ربه بالعلم؛ لأن انتفاءه صفة نقص لا يليق بالمولى عز وجل.

وأما نصوص القدر فنصيبها من التأويل في فكر المعتزلة أكثر من غيره نظراً لكثرتها.

- ومن ذلك قولهم في قوله تعالى: فَيُضِلُّ اللهُ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء [إبراهيم: 4] فقالوا: ينسبهم إلى الضلالة، والهداية، أو يقال:"يضل من يشاء بأن يعاقبه، ويهلكه جزاء له على كفره، ويهدي من يشاء إلى الثواب وطريق الجنة، جزاء له على إيمانه" (?).وهذا باطل، قال ابن قتيبة: "لو أراد النسبة لقال: يظللهم كما يقال: يخوفهم، ويفسقهم، أي: ينسبهم إلى ذلك" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015