الفصل الرابع: أقوال السلف في وجوب التمسك بالسنة والحذر من البدع

تمهيد

وردت عن السلف الكرام أقوال كثيرة في الحث على التمسك بكتاب الله تعالى وأن الهدى والخير والفلاح كله في ذلك وأنه يجب على كل المسلمين الرجوع إلى كتاب الله والتمسك به في كل أحوالهم واختلافاتهم كما قال الله سبحانه وتعالى: فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ [النساء:59].

وهذا هو منهج كل من جاء بعد السلف الكرام من التابعين ومن تبعهم من علماء المسلمين وعامتهم وفي كتب شيخ الإسلام رحمه الله وتلميذه ابن القيم وغيرهما كالطبري وابن كثير وأهل الحديث كالشيخين وغيرهما ممن تزخر بأقوالهم المكتبات الإسلامية في كتبهم من الأقوال والشروحات ما لا مزيد عليه في وجوب التمسك بكتاب الله والعمل به والرجوع إليه. وعلى هذا "فقد اتفق المسلمون سلفهم وخلفهم من عصر الصحابة إلى عصرنا هذا أن الواجب عند الاختلاف في أي أمر من أمور الدين بين الأئمة والمجتهدين هو الرد إلى كتاب الله تعالى وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام الناطق بذلك الكتاب العزيز فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ [النساء:59] ومعنى الرد إلى الله سبحانه الرد إلى كتابه ومعنى الرد إلى رسوله صلى الله عليه وسلم الرد إلى سنته بعد وفاته وهذا مما لا خلاف فيه بين جميع المسلمين" (?).

- وهم يؤكدون أن الخير كله فيها وأن الشر كله في الابتعاد عنها وفي الابتداع الذي يسببه اتباع الهوى والبعد عن السنة والسير خلف التأويلات الباطلة التي هلك بسببها الكثير ممن جرفتهم التيارات المنحرفة ومن تلك الأقوال.- قال عبد الله بن مسعود "اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم" (?).- وعن معاذ بن جبل من كلام له رضي الله عنه قال: "فإياكم وما ابتدع فإنما ابتدع ضلالة" (?).- وقال حذيفة: اتقوا الله يا معشر القراء خذوا طريق من قبلكم فوالله لئن سبقتم لقد سبقتم سبقاً بعيداً وإن تركتموه يميناً وشمالاً فقد ضللتم ضلالاً بعيداً" (?).- وعن عبد الله بن مسعود قال: يجيء قوم يتركون من السنة مثل هذا يعني الإصبع فإن تركتموهم جاؤوا بالطامة الكبرى وإنه لم يكن أهل كتاب قط إلا كان أول ما يتركون السنة وإن آخر ما يتركون الصلاة ولولا أنهم يستحيون لتركوا الصلاة (?).- وعن عبد الله بن الديلمي قال: إن أول ذهاب الدين ترك السنة يذهب الدين سنة سنة كما يذهب الحبل قوة قوة (?).- وعن حسان بن عطية قال: ما ابتدع قوم بدعة في دينهم إلا نزع الله من سنتهم مثلها ثم لا يعيدها إليهم إلى يوم القيامة (?) - وعن عمر بن عبد العزيز قال: سن رسول الله صلى الله عليه وسلم وولاة الأمر بعده سننا الأخذ بها تصديق لكتاب الله عزّ وجلّ واستكمال لطاعته وقوة على دين الله ليس لأحد تغييرها ولا تبديلها ولا النظر في رأي من خالفها فمن اقتدى بما سنوا فقد اهتدى ومن استبصر بها بصر ومن خالفها واتبع غير سبيل المؤمنين ولاه الله عزّ وجلّ ما تولاه وأصلاه جهنم وساءت مصيرا (?).

- وأقوالهم في هذا الصدد كثيرة وإنما تلك أمثلة يكتفي بها طالب الحق الحريص على سلامة دينه من غوائل أقوال أهل الباطل الذين يقدمون البدع على السنة ويحلونها محلها ويعتبرونها ديناً يجب اتباعه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015