وعلى هذا الوجه ينبني ردهم تفسير السلف للاستواء بأنه العلو والارتفاع، والعرش بأنه سرير الملك، والكرسي أنه موضع القدمين، مع صحة الروايات في ذلك، وهكذا في سائر الألفاظ العربية الواردة في الكتاب والسنة. قال الجاحظ: "كان أبو إسحاق يقول: لا تسترسلوا إلى كثير من المفسرين، وإن نصبوا أنفسهم للعامة، وأجابوا عن كل مسألة؛ فإن كثيراً منهم يقول بغير رواية على غير أساس، وكلما كان المفسر أغرب عندهم كان أحب إليهم، وليكن عندكم عكرمة، والكلبي، والسدي، والضحاك، ومقاتل بن سليمان، وأبو بكر الأصم، في سبيل واحدة، فكيف أثق بتفسيرهم، وأسكن إلى صوابهم، وقد قالوا في قوله عز وجل: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ [الجن: 18]: إن الله عز وجل لم يعن بهذا الكلام مساجدنا التي نصلي فيها، بل إنما عنى الجباه، وكل ما سجد الناس عليه، من يد، ورجل، وجبهة، وأنف وثفنة (?)، وقالوا في قوله تعالى: أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ [الغاشية: 17]: إنه ليس يعني الجمال والنوق، وإنما يعني السحاب (?)، وإذا سئلوا عن قوله: وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ [الواقعة: 29]؟ قالوا: الطلح: هو الموز (?) .... وقالوا في قوله تعالى: وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ [المطففين: 1]: الويل: واد في جهنم (?)، ثم قعدوا يصفونه، وقال آخرون: الفلق: المفطرة بلغة اليمن (?) ... وقالوا في قوله تعالى: وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا [فصلت: 21] الجلود: كناية عن الفروج (?)، كأنه كان لا يرى أن كلام الجلد من أعجب العجب! وقالوا في قوله تعالى: كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ [المائدة: 75]: إن هذا إنما كان كناية عن الغائط (?)،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015