وهناك أدلة سمعية كثيرة تدل على وقوع الرؤية: قال الغزالي: (ومهما دل الشرع على وقوعه فقد دل على جوازه) (?) وقد وردت في إثباتها للمؤمنين في الجنة، أو الحث على طلبها بالعمل الصالح والوعد بها، أو نفيها عن الكفار فأذكرها وأبين وجه دلالتها على الجواز وأؤجل الكلام على كيفية الاستدلال بها ومناقشتها في مواضعها إن شاء الله تعالى:1 - قوله تعالى: لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ [يونس:26] فقد فسرت الحسنى بالجنة والزيادة بالنظر إلى وجه الله الكريم، قال القرطبي: (وقد ورد هذا عن أبي بكر الصديق وعلي بن أبي طالب في راوية وحذيفة وعبادة بن الصامت وكعب بن عجرة وأبي موسى وصهيب وابن عباس في رواية وهو قول جماعة من التابعين وهو الصحيح في الباب. وروى مسلم في صحيحه عن صهيب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا دخل أهل الجنة الجنة قال الله تبارك وتعالى تريدون شيئا أزيدكم فيقولون: ألم تبيض وجوهنا؟! ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار؟! قال فيكشف الحجاب فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل. وفي رواية ثم تلا لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ (?))) (?). 2 - قوله تعالى: ولدينا مزيد لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ [ق: 35] فقد فسر المزيد في هذه الآية بأنه النظر إلى الله تعالى كالآية السابقة، قال ابن كثير: (إن المزيد الذي يتفضل الله به على عباده فوق ما يشاءون هو ظهوره تعالى لهم) (?) وبهذا فسر الآية ابن جرير الطبري والقرطبي وغيرهما ودلالتها عن الرؤية كالآية السابقة.3 - قوله تعالى: وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا [الإنسان: 20] قال الرازي: (فإن إحدى القراءات في هذه الآية في مُلْكًا بفتح الميم وكسر اللام، وأجمع المسلمون على أن ذلك الملك ليس إلا الله تعالى، وعندي أن التمسك بهذه الآية أقوى من التمسك بغيرها (?). وقال الألوسي عند تفسيرها: (وقيل هو النظر إلى الله عز وجل وقيل غير ذلك (?). فعلى القراءة المذكورة دلالة الآية على جواز الرؤية ظاهرة.4 - قوله تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ [القيامة: 22 - 23] وجه الاستدلال بالآية على الجواز ما نقل أن نَاظِرَةٌ أي رائية رؤية بصرية يوم القيامة كما قال أهل السنة والجماعة. قال الباقلاني: (لأن النظر في كلام العرب يحتمل وجوها منها نظر الانتظار ومنها الفكر والاعتبار ومنها الرحمة والتعطف ومنها الإدراك بالأبصار وإذا قرن النظر بذكر الوجه وعدى بحرف الجر ولم يضف الوجه إلى قبيلة أو عشيرة كان الوجه الجارحة التي توصف بالنضارة التي تختص بالوجه الذي فيه العينان، فمعناه رؤية الأبصار (?) خلافا للمحرفين للنصوص عن مواضعها، قال أبو الحسن الأشعري: قال الله عز وجل وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ [القيامة: 22 يعني مشرقة إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ] القيامة: 23 يعنى رائية. . ولا يجوز أن يكون بمعنى نظر التفكر والاعتبار لأن الآخرة ليست بدار الاعتبار، ولا يجوز أن يكون عني نظر الانتظار لأن النظر إذا ذكر مع ذكر الوجه فمعناه نظر العينين اللتين في الوجه (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015