المطلب الثاني: شرح دليل الأعراض وحدوث الأجسام عند المعتزلة هذا الدليل هو المسلك المشهور للمعتزلة، وهو عندهم أشهر من دليل التركيب (?).وقد تلقوه عن أسلافهم الجهمية؛ إذ هم في الصفات مخانيث الجهمية (?).وهم وأسلافهم من الجهمية أئمة هذه الطريق، والشبهة كلها أصلا جهمية معتزلية محضة، كما نص على ذلك شيخ الإسلام رحمه الله (?).
والمعتزلة يرون أن الدلالة المعتبرة في إثبات وجود الله هي (حدوث العالم). فإذا كان القدم صفة ذات لله وحده يختص بها، ولا يشاركه فيها غيره، كان العالم – بكل ما فيه من أجسام - محدثا (?).فضلا عن أن الحدوث يتضمن الخلق؛ فإذا كان العالم مخلوقا لله، فهو بالضرورة – بكل ما فيه من أجسام - محدث (?).
وقد استدلوا على حدوث العالم بحدوث الأجسام والأعراض.
ويستند مذهبهم إلى:
1 - مقدمة كبرى مفادها: (أن ما لا ينفك عن الحوادث فهو حادث).
2 - مقدمات ثانوية هي:
أ- الأجسام لا تنفك عن الأعراض.
ب- الأعراض لازمة للأجسام؛ (فكما أن الأجسام لا توجد معراة عن الأعراض، كذلك الأعراض تفتقر إلى الأجسام).
ج - الأعراض حادثة.
3 - نتيجة مفادها أن: الأجسام حادثة. وأول من سلك هذه الطريقة – من المعتزلة –، واستدل بها على حدوث الأجسام: أبو الهذيل العلاف (?)، فزعم "أن الأجسام لم تنفك من الحوادث، ولم تتقدمها، وما لم يخل من المحدث، ولم يتقدمه يجب أن يكون محدثا مثله" (?).
وطريقته هذه مبنية على دعاوى أربع:
1 - الأولى: الأجسام لا تنفك عن الأعراض والأكوان؛ (الاجتماع، والافتراق، والحركة، والسكون).
2 - الثانية: الأعراض زائلة. والأكوان متغيرة. وما كان زائلا، أو متغيرا فهو حادث.