ما قيل عن زهده وورعه: وكان عمرو بن عبيد مشهوراً في زهده، وورعه، ولعل نص ابن حبان "ت (354هـ) " الذي سبق يؤكد ذلك، ولكن هذا الزهد، والورع، لم يمنعه من الابتداع، والإحداث في الدين، وقد قام ببناء علاقات طيبة مع أبي جعفر المنصور، وكان لورعه وزهده، الأثر في هذه العلاقة؛ حيث اغتر به المنصور؛ ولهذا السبب غفل عن بدعته في الدين، وروي أنه كان يعظ أبا جعفر المنصور؛ حيث يقول الخطيب البغدادي: "ت (463هـ) "، ويقال إنه دخل على أبي جعفر المنصور "ت (158هـ) "، "فقال: يا أبا عثمان، عظني: فقال: إن هذا الأمر الذي أصبح في يدك، لو بقي في يد غيرك ممن كان قبلك لم يصل إليك، فأحذرك بليلة تمخص بيوم لا ليلة بعده" (?)، وروى إسحاق بن الفضل، قال: "إني لعلى باب المنصور، وإلى جنبي عمارة بن حمزة، إذ طلع عمرو بن عبيد على حمار، فنزل عن حماره، ونجل البساط برجله، وجلس دونه، فالتفت إلى عمارة، فقال: لا تزال بصرتكم ترمينا منها بأحمق، فما فصل كلامه من فيه، حتى خرج الربيع، وهو يقول: أبو عثمان عمرو بن عبيد، قال: فوالله، ما دل على نفسه، حتى أرشد إليه، فاتكأ بيده، ثم قال: أجب أمير المؤمنين. فمر متوكئا عليه، فالتفت إلى عمارة، فقلت: إن الرجل الذي قد استحمقت قد دعي، وتركنا، فقال: كثير ما يكون مثل هذا" (?).وقد رد بعض العلماء من أهل السنة على هذه الأخبار؛ حيث يقول عبدالقاهر البغدادي: "وذكر الكعبي في مقالاته أن المنصور مدح عمرا، وقال: نثرت الحب فلقطوا، غير عمرو بن عبيد" (?)، وهذا من أكاذيب الكعبي، وهو الذي روى أن عمرا كان من الداعين إلى البيعة ليزيد الناقص في ولايته، أفترى المنصور، مع صرامته، وعداوته لبني أمية، يمدح داعيهم، ومن خرج عليهم، مع إبراهيم بن عبيدالله بن الحسن بالبصرة، حتى لحقه شؤم عمرو؛ فقتل في حربه؟ " (?).