المبحث السادس: عوامل ظهور المعتزلة وانتشار أفكارهم

لقد أدى ظهور المعتزلة وانتشار أفكارهم عوامل عدة، منها ما يلي:

1 - حل مشاكل الخلاف بين المسلمين: على أثر ركود حركة الفتح واستقرار المسلمين في الأمصار نشأت بينهم مشاكل اجتماعية كثيرة، كان حتما عليهم أن يدرسوها ويجدوا لها حلولا شافية يقبلها الدين الإسلامي، ومن المشاكل التي أثيرت أكثر مما سواها مشكلة مجرمي الأمة أو ما يدعون مرتكبي الكبائر التي ما دون الشرك؛ وذلك أنه كثر إقدام الناس على ارتكاب الكبائر بسبب اختلاف القادة على الخلافة، وما قبله من الفتن التي أدت إلى مصرع عثمان – رضي الله عنه – ونشوء الحرب بين علي وأصحاب الجمل، ثم بين علي ومعاوية، فتفرق المسلمون أحزابا ووقعوا في صراع دموي ذهب بالطيبين من أعلام الصحابة، وراح المسلمون يكفر بعضهم بعضا، وانشغلوا عن أعمال الفتوح بتبادل السباب، يضاف إلى هذا أن المسلمين انتقلوا بعد الفتح من محيط الصحراء الضيق إلى محيط واسع فيه كثير من ضروب اللهو والترف وأسباب الفساد، فحز ذلك في نفوس القوم، ولا سيما أهل العلم والأخبار، وساءهم أن يروا إخوانهم المسلمين يجترئون على المعاصي، ويقتل بعضهم بعضا بلا سبب، فعكفوا على هذه المشكلة يدرسونها، ويصدرون أحكامهم فيها مستمدة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، كل على حسب اجتهاده، فكثرت بسبب ذلك المناظرات، واشتهرت المجادلات واختلاف الرأي (?).وكان أهل السنة والجماعة يرون أن مرتكب الكبيرة التي ما دون الشرك أنه مؤمن، فكبيرته لا تخرجه من الإيمان، ولا تدخله في الكفر، لبقاء التصديق الذي هو حقيقة الإيمان، ولكنه يعاقب عليها (?).

ويستدلون بأمور، منها:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015