وقال - تعالى -: هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ [الفتح: 4]، وقال - تعالى -: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ [الأنفال: 2].أما السنة المطهرة، فقد حفلت بهذه الجوانب كثيراً؛ ولذلك صنف علماء السلف المصنفات الكثيرة في الإيمان؛ للرد على المرجئة؛ فمنها: "كتاب الإيمان"، لأبي عبيد القاسم بن سلام "ت 224"، و "الإيمان" للحافظ أبي بكر بن أبي شيبة "ت 235"، وقد حققهما فضيلة الشيخ الألباني: والإمام أحمد بن حنبل، والإمام الطحاوي، والإمام محمد بن إسحاق بن مندة، كما حفلت الصحاح بأبواب الإيمان المليئة بالأحاديث الصحيحة؛ مثل صحيح البخاري، ومسلم، وكتب السنن المختلفة، كما ألف شيخ الإسلام كتابه "الإيمان"، وتعرض لمسائل الإيمان في مجموع فتاويه في مواطن متعددة (?)، وقد عرضنا لجملة من هذه الأحاديث في مبحث الإيمان، والعمل، ومنها ما رواه البخاري، ومسلم، عن ابن عباس رضي الله عنه، قال: "إن وفد عبد القيس لما أتوا النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((من القوم، أو: من الوفد، قالوا: ربيعة، قال: مرحبا بالقوم غير خزايا، ولا ندامى، فقالوا: يا رسول الله، إنا لا نستطيع أن نأتيك إلا في الشهر الحرام، وبيننا وبينك هذا الحي من كفار مضر، فمرنا بأمر فصل نخبر به من وراءنا، وندخل به الجنة، وسألوه عن الأشربة؛ فأمرهم بأربع، ونهاهم عن أربع: أمرهم بالإيمان بالله وحده، قال: أتدرون ما الإيمان بالله وحده، قالوا: الله، ورسوله أعلم، قال: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، وأن تغطوا من المغنم الخمس، ونهاهم عن أربع: عن الحنتم، والدبا، والنقير، والمزفت، وربما قال: المقير: وقال: أحفظوهن، وأخبروا بهن من وراءكم)) (?).فهذا التوجيه النبوي لهذا الوفد الكبير فيه اقتران الإيمان بالعمل، وأنه لابد من هذه الفرائض، واجتناب هذه النواهي؛ حتى يكتمل إيمانهم، وهذا الإيمان يزيد بالطاعات، وينقص إذا عمل المسلم المعاصي، والمنهيات، فقد روى البخاري عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((يخرج من النار من قال لا إله إلا الله، ومن في قلبه وزن شعيرة من خير، ويخرج من النار من قال لا إله إلا الله، وفي قلبه وزن برة من خير، ويخرج من النار من قال: لا إله إلا الله، وفي قلبه وزن ذرة من خير))، وفي رواية أخرى أنه قال بدل كلمة ((خير)) كلمة ((إيمان)) (?).وروى ابن أبي شيبة عن هانئ بن هانئ، قال: كنا جلوساً عند علي - عليه السلام -، فدخل عمار، فقال: مرحباً بالطيب المطيب، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن عماراً مليء إيماناً إلى مشاشه)) (?).وقد أخذ التابعون عن الصحابة - رضوان الله عليهم - الفهم الصحيح لزيادة الإيمان، ونقصه؛ فعن إبراهيم بن علقمة، وكان من أصحاب عبدالله بن مسعود، أنه كان يقول لأصحابه: (أمشوا بنا نزدد إيماناً) (?)،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015